ذَلِكَ فَصاحَةً أيْضاً، وَلها طَرَفانِ أَعْلَى وَهُوَ حَدُّ الاعْجازِ وَمايَقْرُبُ منْهُ، وأَسْفَلُ وَهُوَ مَا إذَا غُيِّرَ عَنْهُ إلَى مَا دُونَهُ الْتَحَقَ عِنْدَ البُلَغَاءِ باصْوَاتِ الْحَيوَاناتِ، وَبَيْنَهُما مَرَاتِبُ كَثِيرَةٌ، وَتَتبَعُها وَجُوهٌ أُخَرُ تُورِثُ


ذلك] الوصف المذكور [فصاحة أيضا] كما يسمي بلاغة، فحيث يقال ـ إن إعجاز القرآن من جهة كونه في أعلى طبقات الفصاحة ـ يراد بها هذا المعنى.

[ولها] أي لبلاغة الكلام [طرفان أعلى وهو حد الإعجاز] وهو أن يرتقى الكلام في بلاغته إلى أن يخرج عن طَوْقِ البشر، ويعجزهم عن معارضته [وما يقرب منه ]عَطْفٌ على قوله وهو، والضمير في ـ منه ـ عائدٌ إلى ـ أعلى ـ يعنى أن الأعلى مع ما يقرب منه كلاهما حد الإعجاز، هذا هو الموافق لما في المفتاح، وزعم بعضهم(١) أنه عَطْفٌ على ـ حد الإعجاز ـ والضمير في ـ منه ـ عائدٌ إليه، يعني أن الطرف الأعلى هو حد الإعجاز وما يقرب من حد الإعجاز، وفيه نظر لأن القريب من حد الإعجاز لا يكون من الطرف الأعلى الذي هو حد الإعجاز، وقد أوضحنا ذلك في الشرح [وأسفل وهو ما إذا غير ]الكلام [عنه إلى ما دونه] أي إلى مرتبة أخرى هي أدنى منه وأنزل [التحق ]الكلام وإن كان صحيح الإعراب [عند البلغاء بأصوات الحيوانات ]التي تصدر عن مَحَالِّهَا بحسب ما يتفق من غير اعتبار اللطائف والخواصِّ الزائدة على أصل المراد [وبينهما] أي بين الطرفين [مراتب كثيرة] متفاوتة بعضها أعلى من بعض بحسب تفاوت المقامات، ورعاية الاعتبارات، والبعد من أسباب الاخلال بالفصاحة.

[وتتبعها] أي بلاغة الكلام [وجوه أخر] سوى المطابقة والفصاحة [تورث

__________________

(١) لا يخفى أن هذا هو الظاهر من كلام التلخيص، ولا شيء في أن يكون الطرف الأعلى هو حد الإعجاز في القرآن وما يقرب منه في كلام رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفحول البلغاء، فانّه يصح أن يقال ـ كلام رسول الله في أعلى مراتب البلاغة، وهكذا.

۵۲۰۱