إلَى الاحْتَرازِ عَنِ الخَطَا في تأْدِيَةِ المَعْنى المُرَادِ، وَإلى تَمْييزِ الْفَصِيحِ مِنْ غَيرِهِ، وَالثّانِي مِنْهُ مَا يُبَيَّنُ فِي عِلْمِ مَتْنِ اللُّغَةِ أَوِ التّصْرِيفِ أَوِ النَّحْو أَوْ يُدْرَكُ بالحسّ، وَهُوَ ما عَدَا


يمكن حصولها كما يقال: مرجع الجود إلى الغنى [إلى الاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد] وإلا لَرُبَّمَا أُدِّيَ المعنى المراد(١) بلفظ فصيح غير مطابق لمقتضى الحال فلا يكون بليغا [وإلى تمييز] الكلام [الفصيح من غيره] وإلا لَرُبَّمَا أُورِدَ الكلام المطابق لمقتضى الحال بلفظ غير فصيح فلا يكون أيضا بليغا، لوجوب وجود الفصاحة في البلاغة، ويدخل في تمييز الكلام الفصيح من غيره تمييز الكلمات الفصيحة من غيرها لتوقفه عليها.

[والثاني] أي تمييز الفصيح من غيره [منه] أي بعضه [ما يبين] أي يوضح [في علم متن اللغة] كالغرابة، وإنما قال في علم متن اللغة أي معرفة أوضاع المفردات لأن اللغة أعم من ذلك، يعنى به يعرف تمييز السالم من الغرابة عن غيره، بمعنى أن من تتبع الكتب المتداولة وأحاط بمعانى المفردات المأنوسة علم أن ما عداها مما يفتقر إلى تنقير أو تخريج فهو غير سالم من الغرابة، وبهذا تبين فساد ما قيل: إنه ليس في علم متن اللغة أن بعض الألفاظ مما يحتاج في معرفته إلى أن يبحث عنه في الكتب المبسوطة في اللغة [أو] في علم [التصريف] كمخالفة القياس، إذ به يعرف أن الأَجْلَلَ مخالف للقياس دون الْأَجَلِّ [أو] في علم [النحو] كضعف التأليف والتعقيد اللفظى [أو يدرك بالحس] كالتنافر، إذ به يعرف أن مُسْتَشْزِراً متنافر دون مرتفع، وكذا تنافر الكلمات [وهو] أي ما يبين في العلوم المذكورة أو يدرك بالحس، فالضمير عائد إلى ـ ما ـ ومن زعم أنه عائد إلى ما يدرك بالحس فقد سها سهوا ظاهرا [ما عدا

__________________

(١) يعني بالمعنى المراد المعنى الثانوي لا المعنى الأصلى، لأن مرجع البلاغة إلى المعنى الثانوي كما سبق.

۵۲۰۱