فَمُقْتضى الحَال هُوَ الاعْتِبارُ المُناسِبُ.

فالْبَلاَغَةُ رَاجِعَةٌ إلَى اللّفْظِ باعْتِبارِ إفادَتِهِ الْمَعْنى بالتَّرْكِيبِ، وَكَثِيراً مَا يُسَمَّى


البلغاء، يقال اعتبرت الشيء إذا نظرت إليه وراعيت حاله، وأراد بالكلامِ الكلامَ الفصيح، وبالْحُسْنِ الْحُسْنَ الذاتيَّ الداخل في البلاغة دون الْعَرَضِيِّ الخارج لحصوله بالْمُحَسِّناتِ البديعيَّة [فمقتضى الحال هو الاعتبار المناسب] للحال والمقامِ، يعني إذا علم أَنْ ليس ارتفاع شأن الكلام الفصيح في الحسن الذاتي إلا بمطابقته للاعتبار المناسب على ما تفيده إضافة المصدر(١) ومعلوم أنه إنما يرتفع بالبلاغة التي هي عبارة عن مطابقة الكلام الفصيح لمقتضى الحال، فقد علم أن المراد بالاعتبار المناسب ومقتضى الحال واحد، وإلا لما صدق أنه لا يرتفع إلا بالمطابقة للاعتبار المناسب، ولا يرتفع إلا بالمطابقة لمقتضى الحال، فَلْيُتأَمَّلَ.

[فالبلاغة] صفة [راجعة إلى اللفظ] يعني أنه يقال ـ كلامٌ بليغٌ ـ لكن لا من حيث إنه لفظ وصوت بل [باعتبار إفادته المعنى] أي الْغَرَضَ المصوغ له الكلام(٢) [بالتركيب ]متعلق بافادته، وذلك لأن البلاغة كما مَرَّ عبارة عن مطابقة الكلام الفصيح لمقتضى الحال، فظاهر أن اعتبار المطابقة وعدمها إنما يكون باعتبار المعاني والأغراض التي يصاغ لها الكلام، لا باعتبار الألفاظ المفردة والْكَلِمِ المجردة [وكثيرا ما] نَصْبٌ على الظرفية، لأنه من صفة الأحيان، و ـ مَا ـ لتأكيد معني الكثرة، والعامل فيه قوله [يسمى

__________________

(١) في قوله ـ وارتفاع شأن الكلام ـ لأن إضافة المفرد تفيد العموم، فيكون المعنى ـ كل ارتفاع يكون بالمطابقة ـ ومن هنا أفاد الكلام الحصر.

(٢) فليس المراد به المعنى الأصلى المستفاد من أصل التركيب، وإنما المراد به الخصوصيات السابقة من التأكيد نحوه، فهو يسمى غرضا أو خصوصية أو معنى ثانويا.

۵۲۰۱