وَأَيْضَا إمَّا مُجْمَلٌ وَهُوَ ما لَمْ يُذْكَرْ وَجْهُهُ، فَمِنْهُ ظَاهِرٌ يَفْهَمُهُ كُلَّ أحَد، نَحْوُ ـ زَيْدٌ أَسَدٌ ـ وَمِنْهُ خَفِيٌّ لا يُدْرِكُهُ إلاَّ الخاصّةُ، كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ ـ هُمْ كالْحَلْقَةِ المُفْرَغَة لا يُدْرَى أَيْنَ طَرَفَاهَا ـ أَيْ هُمْ مُتَناسِبُونَ في الشَّرَفِ كما أَنَّها مُتَناسِبَةُ الأَجْزَاءِ في الصُّورَةِ وَأَيْضاً مِنْهُ مَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ وَصْفُ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ،


وهميا واعتباريا، بل يكون حقيقيا، فتشبيه الثريا بالْعُنْقُودِ الْمُنَوِّرِ تمثيل عند الجمهور دون السكاكى.

[وأيضا] تقسيم آخر للتشبيه باعتبار وجهه وهو أنه [إما مجمل وهو ما لم يذكر(١)وجهه، فمنه] أي فمن المجمل ما هو [ظاهر] وَجْهُهُ، أو فمن الوجه الغير المذكور ما هو ظاهر [يفهمه كل أحد] ممن له مدخل في ذلك [نحو زيد كالأسد، ومنه خفى لا يدركه إلا الخاصة كقول بعضهم] ذكر الشيخ عبد القاهر أنه قول من(٢) وصف بنى الْمُهَلّبِ للحَجَّاج لما سأله عنهم، وذكر جَارُ الله أنه قول الأَنْمارِيَّةِ فاطمة بنت الْخُرْشُبِ، وذلك أنها سئلت عن بنيها أيُّهُمْ أفضلُ؟ فقالت: عُمَارَةُ لا بل فلان لا بل فلان، ثم قالت: ثَكلْتُهُمْ إن كنت أعلم أيهم أفضل [هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها ـ أي هم متناسبون في الشرف] يمتنع تعيين بعضهم فاضلا وبعضهم أفضل منه [كما أنها] أي الحلقة المفرغة [متناسبة الأجزاء في الصورة] يمتنع تعيين بعضها طرفا وبعضها وسطا، لِكَوْنِهَا مفرغة مُصْمَتَةَ الجوانب كالدائرة.

[وأيضا منه] أي من المجمل، وقوله ـ منه ـ دون أن يقول ـ وأيضا إما كذا وإما كذا ـ إشْعَارٌ بأن هذا من تقسيمات المجمل لا من تقسيمات مطلق التشبيه، أي ومن المجمل [ما لم يذكر فيه وصف أحد الطرفين] يعنى الوصف الذي يكون فيه إيماء إلى

__________________

(١) أي ذكرا صريحا، فلا ينافي الإجمال ذكر ما يشير إلى وجه الشبه كما في مثال الحلقة المفرغة.

(٢) هو كعب بن مَعْدَانَ الأشعري.

۵۲۰۱