تَشْبِيهُ مُرَكَّب بِمُفْرد كَقَوْلِهِ:
يا صَاحِبَيَّ تَقَصَّيَا نَظَرَيْكُمَا
تَرَيَا وُجُوهَ الْأَرْضِ كَيْفَ تَصَوَّرُ
تَرَيا نَهاراً مُشْمِساً قَدْ شَابَهُ
زَهْرُ الرُّبى فَكأَنَّمَا هُوَ مُقْمِرُ
وَأَيْضاً إنْ تَعَدَّدَ طَرَفاهُ فإمَّا مَلْفُوفٌ كَقَوْلِهِ:
كَأنَّ قُلُوبَ الطَّيْرِ رَطْباً وَيابِساً
لَدَى وَكْرَهَ العُنَّابُ وَالحَشَفُ الْبالِى
تشبيه مركب بمفرد كقوله: يا صاحبى تقصيا نظريكما] في الأساس ـ تَقَصَّيْتُهُ أي بلغت أقصاه ـ أي اجتهدا في النظر وابلغا أقصى نظريكما [تريا وجوه الأرض كيف تصور] أي تَتَصَوَّرُ حذفت التاء، يقال ـ صَوَّرَهُ الله صورةً حسنة فَتَصَوَّرَ(١) [تريا نهارا مشمسا] أي ذا شمس لم يستره غَيْمٌ [قد شابه] أي خالطه [زهر الربي] خَصَّهَا لأنها أنضر وأشد خضرة، ولأنها المقصود بالنظر [فكأنما هو] أي ذلك النهار المشمس الموصوف [مقمر(٢)] أي ليل ذو قمر، لأن الأزهار باخضرارها قد نقصت من ضوء الشمس حتى صار يضرب إلى السواد، فالمشبه مركب، والمشبه به مفرد وهو المقمر.
[وأيضا] تقسيم آخر للتشبيه باعتبار الطرفين، وهو أنه [إن تعدد طرفاه فإمّا ملفوف] وهو أن يؤتى أولا بالْمُشَبَّهاتِ على طريق العطف أو غيره ثم بالمشبه به كذلك [كقوله] في صفة الْعُقَابِ بكثرة اصطياد الطيور [كأن قلوب الطير رطبا] بَعْضُهَا [ويابسا] بعضها [لدي وكرها العناب والحشف] هو أرادأ التمر [البالى(٣)]شبه الرطب
__________________
(١) فالثاني مُطَاوِعٌ للأول.
(٢) البيتان لأبي تمام من قصيدة له في مدح المعتصم أولها:
رَقَّتْ حواشى الزهر فَهْيَ تُمَرْمِرُ
وغَدَا الثَّرَى في حَلْيِهِ يَتكَسَّرُ
(٣) البيت لامرىء القيس من قصيدته التي مطلعها:
ألاَ عِمْ صباحاً أيها الطَّلَلُ البالِي
وهل يَعِمَنْ مَنْ كان في الْعُصُرِ الخالِي