أَنْ يَلِيَهُ المُشَبَّهُ بِهِ وَقَدْ يَلِيَهُ غَيْرُهُ، نَحْوُ ـ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنْزَلْنَاهُ ـ وَقَدْ يُذْكَرُ فِعْلٌ يُنْبئُ عَنْهُ، كَمافي ـ عَلِمْتُ زَيْداً أَسَداً ـ إنْ قَرُبَ ـ وَحَسِبْتُ ـ إنْ بَعُدَ.


وَيُشَابِهُ(١) [أن يليه المشبه به] لفظا نحو ـ زيد كالأسد ـ أو تقديرا نحو ـ قوله تعالى ﴿أَوْ كَصَيِّب مِنَ السَّمَاءِ على تقدير ـ أو كمثل ذَوِى(٢) صيب [وقد يليه] أي نحو الكاف [غيره] أي غير المشبه به [نحو ـ واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه] الآية، إذ ليس المراد تشبيه حال الدنيا بالماء ولا بمفرد آخر يُتَمَحَّلُ تقديره، بل المراد تشبيه حالها في نضارتها وبهجتها وما يعقبها من الهلاك والفناء بحال النبات الحاصل من الماء يكون أخضر ناضرا شديد الخضرة ثم ييبس فتطيره الرياح كأن لم يكن، ولا حاجة إلى تقدير ـ كمثل ماء ـ لأن المعتبر هو الكيفية الحاصلة من مضمون الكلام المذكور بعد الكاف، واعتبارها مستغن عن هذا التقدير، ومن زعم أن التقدير ـ كمثل ماء ـ وأن هذا مما يلى الكافَ غَيْرُ المشبه به بناء على أنه محذوف فقد سها سهوا بَيِّناً، لأن المشبه به الذي يلى الكاف قد يكون ملفوظا به وقد يكون محذوفا على ما صرح به في الإيضاح [وقد يذكر فعل ينبيء عنه] أي عن التشبيه [كما في ـ علمت زيدا أسدا ـ إن قرب] التشبيه وادُّعِيَ كمال المشابهة، لما في ـ علمت ـ من معنى التحقيق [وحسبت ]زيدا أسدا [إن بعد] التشبيه، لما في الْحِسْبَانِ من الأشعار بعدم التحقيق والتَّيَقُّنِ، وفي كون مثل هذه الأفعال منبئا عن التشبيه نوع خفاء(٣) والأظهر أن الفعل ينبئ عن حال

__________________

(١) فالأصل فيها أن يليها المشبه، نحو ـ زيد يماثل عمرا ـ فالضمير العائد على زيد هو المشبه، وعمرو وهو المشبه به.

(٢) إنما قدر ذلك ليعود عليه ضمير الجمع في قوله بعد (يَجْعَلُونَ أصَابِعَهُمْ في آذَانِهِمْ).

(٣) لأنه لا دلالة للعلم والحسبان على ذلك، وإنما الذي يدل عليه عدم صحة حمل الأسد على زيد إلا بتقدير أداة التشبيه.

۵۲۰۱