ابْتِدَاء مُطْمِع بانْتِهاء مُؤْيِس، وَالمُتَعَدِّدُ الْحِسِّيُّ كاللَّوْنِ وَالطَّعْمِ وَالرَّائِحَةِ في تَشْبِيهِ فاكِهَة بأُخْرَى، وَالْعَقْلِيُّ كَحِدَّةِ النَّظَرِ وَكَمَالِ الحَذَرِ وَإخْفَاءِ السِّفَادِ في تَشْبِيهِ طَائِر بِالْغُرَابِ، وَالْمُخْتَلِفُ كَحُسْنِ الطَّلْعَةِ وَنَبَاهَةِ الشَّأْنِ في تَشْبِيهِ إنْسان بالشَّمسِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ يُنْتَزَعُ الشَّبَهُ مِنْ نَفْسِ التَّضَادِّ لاشْتِرَاكِ الضِّدَّيْنِ فِيهِ، ثُمَّ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ التنَاسُبِ بِوَاسِطَةِ تَمْلِيح


فالباء ههنا مثلها في قولهم ـ التشبيه بالوجه العقلي أعم(١) إذ الأمر المشترك فيه ههنا هو اتصال [ابتداء مطمع بانتهاء مؤيس] وهذا بخلاف التشبيهات المجتمعة، كما في قولنا ـ زيد كالأسد والسيف والبحر ـ فإن القصد فيها إلى التشبيه بكل واحد من الأمور على حِدَة، حتى لو حُذِفَ ذِكْرُ البعض لم يتغير حال الباقى في إفادة معناه، بخلاف المركب فإن المقصود منه يختل باسقاط بعض الأمور [والمتعدد الحسي كاللون والطعم والرائحة في تشبيه فاكهة بأخرى، و] المتعدد [العقلي كحدة النظر وكمال الحذر وإخفاء السفاد] أي نَزْوِ الذكر على الأنثى [في تشبيه طائر بالغراب، و] المتعدد [المختلف] الذي بعضه حسي وبعضه عقلي [كحسن الطلعة] الذي هو حسي [ونباهة الشأن] أي شَرَفُهُ واشتهاره الذي هو عقلى [في تشبيه إنسان بالشمس] ففي المتعدد يُقْصَدُ اشتراك الطرفين في كل من الأمور المذكورة، ولا يُعْمَدُ إلى انتزاع هيئة منها تشترك هي فيها [واعلم أنه قد ينتزع الشبه] أي التماثل يقال بينهما شبه بالتحريك أي تَشَابُهٌ، والمراد به ههنا ما به التَّشَابُهُ أعنى وجه التشبيه [من نفس التضاد لاشتراك الضدين فيه] أي في التضاد، لِكَوْنِ كل منهما مُضَادّاً للآخر [ثم ينزل] التضاد [منزلة التناسب بواسطة تمليح] أي إتْيَان بما فيه مَلاَحَةٌ وظرافة، يقال ـ مَلَّحَ الشاعر ـ إذا أتي بشيء

__________________

(١) فهي للآلة ومجرورها وجه الشبه، وليست صلة للتشبيه كما في قولك ـ شبهته بالأسد ـ لأنها تدخل على المشبه به.

۵۲۰۱