وَالْهِدَايَةِ وَاسْتَطابَةِ النَّفْسِ فِي تَشْبِيهِ وُجُودِ الشَّيْءِ الْعَدِيمِ النَّفْعِ بِعَدَمِهِ، والرجُلُ الشُّجاعِ بِالْأَسَدِ، وَالْعِلْمِ بِالنُّورِ، وَالْعِطْرِ بِخُلُق كَرِيم، وَالمُرَكَّبُ الْحِسِّيُّ فِيمَا طَرَفاهُ مُفْرَدانِ كَما فِي قَوْلِهِ:


الرجل جَرَاءَةً بِالْمَدِّ [والهداية] أي الدلالة على طريق يوصل إلى المطلوب [واستطابة النفس في تشبيه وجود الشيء العديم النفع بعدمه] فيما طرفاه عقليان، إذ الوجود والعدم من الأمور العقلية [و] تشبيه [الرجل الشجاع بالأسد] فيما طرفاه حسيان [و] تشبيه [العلم بالنور] فِيَما الْمُشَبَّهُ عقلي والمشبه به حسي، فبالعلم يُوَصَّلُ إلى المطلوب ويُفْرَقُ بين الحق والباطل، كما أن بالنور يُدْرَكُ المطلوب ويُفْصَلُ بين الأشياء، فوجه الشبه بينهما الهداية [و] تشبيه [العطر بخلق] شخص [كريم] فيما المشبه حسي والمشبه به عقلي، ولا يخفى ما في الكلام من اللَّفِّ والنَّشْرِ، وما في وَحْدَةِ بعض الأمثلة من التَّسَامُحِ، كالعراء عن الفائدة مثلا(١)[ والمركب الحسي] من وجه الشبه طرفاه إما مفردان أو مركبان أو أحدهما مفرد والآخر مركب، ومعنى التركيب ههنا أن تَقْصِدَ إلى عِدَّةِ أشياء مختلفة فتنتزع منها هيئة وتجعلها مُشَبَّهاً أو مشبها بها، ولهذا صرح صاحب المفتاح في تشبيه المركب بالمركب بأن كُلاًّمن المشبه والمشبه به هيئة منتزعة، وكذا المراد بتركيب وجه الشبه أن تعمد إلى عدة أوصاف لشيء فتنتزع منها هيئة، وليس المراد بالمركب ههنا ما يكون حقيقة مركبة من أجزاء مختلفة، بدليل أنهم يجعلون المشبه والمشبه به في قولنا ـ زيد كالأسد مفردين لا مركبين، ووجه الشبه في قولنا ـ زيد كعمرو في الإنسانية ـ واحدا لا مُنَزَّلاً منزلة الواحد، فالمركب الحسي [فيما] أي في التشبيه الذي [طرفاه

__________________

(١) وكذا استطابة النفس، لما فيهما من شائبة التركيب بتقييد الأول بالظرف والثاني بالمضاف إليه، ولا يخفي أن التقييد بذلك لا يقتضى التركيب، فلا تسامح أصلا.

۵۲۰۱