وَأَيْضاً إمَّا وَاحِدٌ وَإمَّا بِمَنْزِلةِ الْوَاحِدِ لِكَوْنِهِ مُرَكَّباً مِنْ مُتَعَدِّد، وَكُلٌّ مِنْهُمَا حسِّيٌّ أَوْ عَقْليٌّ، وَإمَّا مُتَعَدِّدٌ كَذَلِكَ أَوْ مُخْتَلِفٌ، وَالْحِسِّيُّ طَرفاهُ حِسِّيَّانِ لاَ غَيْرُ، لاِمْتِناعِ أَنْ يُدْرَكَ بِالْحِسِّ مِنْ غَيْرِ الْحِسِّيِّ شَيْءٌ، وَالْعَقْليُّ اَعَمُّ لِجَوَازِ أَنْ يُدْرِكَ بِالْعَقْلِ مِنَ الْحِسِّيِّ شَيْءٌ، وَلِذَلِكَ يُقالُ التَّشْبِيهُ بِالْوَجْهِ الْعَقْلِيِّ أَعَمُّ،


[وأيضا] لوجه الشبه تقسيم آخر وهو أنه [إما واحد، وإما بمنزلة الواحد لكونه مركبا من متعدد] تركيبا حقيقيّاً، بأن يكون حقيقة مُلْتَئِمَةً من أمور مختلفة، أو اعتباريّاً، بأن يكون هيئة انتزعها العقل من عدة أمور [وكل منهما] أي من الواحد وما هو بمنزلته [حسي أو عقلي، وإما متعدد] عطف على قوله ـ إما واحد وإما بمنزلة الواحد ـ والمراد بالمتعدد أن يُنْظَرَ إلى عدة أمور ويُقْصَدَ اشتراك الطرفين في كل واحد منها ليكون كل منها وجه شبه، بخلاف المركب الْمُنَّزَلِ منزلة الواحد، فإنه لم يقصد اشتراك الطرفين في كل من تلك الأمور، بل في الهيئة المنتزعة أو في الحقيقة الملتئمة منها [كذلك] أي المتعدد أيضا حسي أو عقلي [أو مختلف] بعضه حسي وبعضه عقلي [والحسي] من وجه الشبه سواء كان بتمامه حسيا أو ببعضه [طرفاه حسيان(١) لا غير] أي لا يجوز أن يكون كِلاَهُمَا أو أحدهما عقليا [لامتناع أن يدرك بالحس من غير الحسي شيء] فإن وجه الشبه أمر مأخوذ من الطرفين موجود فيهما، والموجود في العقلي إنما يدرك بالعقل دون الحس، إذ المدرك بالحس لا يكون إلا جسما أو قائما بالجسم [والعقلي] من وجه الشبه [أعم] من الحسي [لجواز أن يدرك بالعقل من الحسي شيء] أي يجوز أن يكون طرفاه حسيين أو عقليين أو أحدهما حسيا والآخر عقليا، إذ لا امتناع في قيامِ المعقول بالمحسوس وإدْراكِ العقل من المحسوس شيئا [ولذلك يقال التشبيه بالوجه العقلي أعم] من التشبيه بالوجه الحسي، بمعني أن كل ما يصح فيه التشبيه بالوجه

__________________

(١) ولو تنزيلا كما في قول الشاعر (وكأن النجوم بين دجاها * البيت) وقد سبق.

۵۲۰۱