وَشَرْطُهُ اللُّزُومُ الذِّهْنِيُّ


أطْلِقَ على المجموع مُطَابَقَةً واعْتُبِرَ دلالته على الجرم تضمّناً والشعاع التزاما، فقد صدق على هذا التضمن والالتزام أنها دلالة اللفظ على تمام الموضوع له، وإذا أطلق على الجرم أو الشعاع مُطَابَقَةً صدق عليها أنها دلالة اللفظ علي جزء الموضوع له أو لازمه، وحينئذ ينتقض تعريف كُلٍّ من الدلالات الثلاث بالْأُخْرَيَيْنِ، فالجواب أن قيد الحيثية مأخوذ في تعريف الأمور التي تختلف باعتبار الاضافات(١) حتى إن المطابقة هي الدلالة على تمام ما وضع له من حيث إنه تمام ما وضع له، والتضمن هي الدلالة على جزء ما وضع له من حيث إنه جزء ما وضع له، والالتزام هي الدلالة على لازمه من حيث أنه لازم ما وضع له، وكثيراً ما يتركون هذا القيد اعتمادا على شهرة ذلك وانسباق الذهن إليه [وشرطه] أي الالتزام [اللزوم الذهني] أي كَوْنُ المعنى الخارج بحيث يلزم من حصول المعنى الموضوع له في الذهن حصوله فيه، إمَّا على الْفَوْرِ أو بعد التَّأَمُّلِ في القرائن والأمارات، وليس المراد باللزوم عدم انفكاك تَعَقُّلِ المدلول الالتزامي عن تعقل الْمُسَمَّى في الذهن أصلا، أعنى اللزوم الْبَيِّنَ المعتبر عند المنطقيين، وإلا لخرج كثير من معاني المجازات والكنايات عن أن يكون مدلولات التزامية، ولَمَا تَأَتَّى الاختلاف بالوضوح في دلالة الالتزام أيضا، وتقييد اللزوم بالذهني إشارة إلى أنه لا يشترط اللزوم الخارجي كالعمى، فإنه يدل على البصر التزاما، لأنه عدم البصر عما من شأنه أن يكون بصيرا، مع التنافى بينهما في الخارج، ومن نازع في اشتراط اللزوم الذهني فكأنه أراد باللُّزُومِ اللُّزُومَ الْبَيِّنَ، بمعنى عدم انفكاك تعقله عن تعقل المسمى، والمصنف أشار إلى أنه ليس المراد باللزوم الذهني

__________________

(١) كتعريف الدلالات فإنها تختلف بالإضافة إلى الكل أو الجزء أو اللازم، بخلاف الأمور المتباينة لذواتها كالإنسان والفرس، فلا تحتاج إلى ذلك القيد.

۵۲۰۱