وَإمَّا بِغَيْرِ ذلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالى ـ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ـ فَإنَّهُ لَوِ اخْتُصِرَ لَمْ يُذْكَرْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ، لاِنَّ إيمَانَهُمْ لاَ يُنْكِرُهُ مَنْ يُثْبِتُهُمْ وَحسَّنَ ذِكْرَهُ إظْهارُ شَرَفِ الاْيمَانَ تَرْغِيباً فِيهِ.

وَاعْلَمْ أنَّهُ قَدْ يُوصَفُ الْكَلاَمُ بِالاْيجَازِ وَالاْطْنَابِ باِعْتِبارِ كَثْرَةِ حُرُوفِهِ وَقِلَّتِها بالنِّسْبَةِ إلى


أو بين الكلامين المتصلين.

[وإما بغير ذلك] عَطْفٌ على قوله ـ إما بالإيضاح بعد الإبهام وإما بكذا وكذا [كقوله تعالى ـ الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ـ فإنه لو اختصر] أي ترك الإطناب، فإن الاختصار قد يطلق على ما يعم الإيجاز والمساواة كما مر [لم يذكر ـ ويؤمنون به ـ لأن إيمانهم لا ينكره] أي لا يجهله [من يثبتهم] فلا حاجة إلى الاخبار به لكونه معلوما [وحسن ذكره] أي ذكر قوله ـ ويؤمنون به [إظهار شرف الايمان ترغيبا فيه] وَكَوْنُ هذا الإطناب بغير ما ذكر من الوجوه السابقة ظَاهِرٌ بالتأمل فيها.

[واعلم أنه قد يوصف الكلام بالإيجاز والإطناب باعتبار كثرة حروفه وقلتها بالنسبة إلى

__________________

تطبيقات على الإطناب:

١ـ قوله تعالى ـ﴿مَنْ كَانَ عَدُوّاً للهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ.

٢ـ سَقَى الله نجداً والسلامُ على نَجْدِ

ويا حَبَّذَا نجدٌ على الْقُرْب وَالْبُعْدِ

٣ـ من يَلْقَ يوماً على عِلاَّتِهِ هَرِماً

يَلْقَ السماحَةَ فيه وَالنَّدَى خُلِقاً

فالأول من ذكر الخاص بعد العام للتنبيه على فضله، والثاني من التكرير للتلذذ بذكره، والثالث من التتميم للمبالغة في مدحه.

أمثلة أخري:

١ـ المشرقان عليك يَنْتَحِبَانِ

قاصيهما في مَأْتَم والدَّانِي

٢ـ صَبَبْنَا عليها ظالمين سِيَاطَنَا

فطارتْ بها أيْد سراعٌ وأرْجُلُ

٣ـ لو انَّ الباخلين وأنت منهم

رأوك تعلَّموا منك الْمِطَالاَ

۵۲۰۱