يَا يُوسُفُ.

وَالحَذْفُ عَلَى وَجْهَيْن ألاَّ يُقامَ شَيْءٌ مَقَامَ المَحْذُوفِ كما مَرَّ، وَأنْ يُقَامَ، نَحْوُ ـ وَإنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ ـ أيْ فَلاَ تَحْزَنْ وَاصْبِرْ.

وَأدِلَّتُهُ كَثِيرَةٌ: مِنْهَا أنْ يَدُلُّ الْعَقْلُ عَليْهِ وَالمَقْصُودُ الْأَظْهَرُ عَلَى تَعْيينِ الْمَحْذُوفِ، نَحْوُ ـ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيتَةُ ـ وَمِنْهَا أنْ يَدُلَّ الْعَقْلُ عَلَيْهِما، نَحْوُ ـ وَجَاءَ رَبُّكَ ـ


يا يوسف].

[والحذف على وجهين: ألا يقام شيء مقام المحذوف] بل يكتفى بالقرينة [كما مر] في الأمثلة السابقة [وأن يقام، نحو ـ وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك] فقوله ـ فقد كذبت ـ ليس جزاء الشرط، لأن تكذيب الرسل متقدم على تكذيبه، بل هو سبب لمضمون الجواب المحذوف أقيم مقامه [أي فلا تحزن واصبر].

ثم الحذف لابد له من دليل [وأدلته كثيرة، منها أن يدل العقل عليه] أي على الحذف [والمقصود الأظهر(١) على تعيين المحذوف، نحو ـ حرمت عليكم الميتة] فالعقل دل على أن هنا حذفا، إذ الأحكام الشرعية إنما تتعلق بالأفعال دون الأعيان، وَالْمَقْصُودُ الأظهر من هذه الأشياء المذكورة في الآية تَنَاوُلُهَا الشَّامِلُ للأكل وشرب الألبان، فدل على تعيين المحذوف، وفي قوله ـ منها أن يدل ـ أدنى تسامح فكأنه على حذف مضاف(٢) [ومنها أن يدل العقل عليهما] أي على الحذف وتعيين المحذوف [نحو ـ وجاء ربك] فالعقل يدل على امتناع مجىء الرب تعالى وتَقَدَّسَ، ويدل على تعيين

__________________

(١) يعنى أظهرية قصده لا المقصود نفسه، لأنه هو المحذوف فكيف يدل على نفسه.

(٢) لأن قوله ـ أن يدل ـ بمعني الدلالة، وهي ليست من الأدلة، وتقدير المضاف في قوله ـ وأدلته كثيرة ـ فالتقدير ودلالة أدلته كثيرة.

۵۲۰۱