وَالتّعْقِيدُ أَنْ لا يَكُونَ الكَلاَمُ ظاهِرَ الدِّلالَةِ عَلَى المُرَادِ لِخِلَل اِمّا في النّظْم كَقَوْل الفَرَزْدَقِ في خالِ هِشام:

وَما مِثْلُهُ في النَّاسِ إلاَّ مُمَلّكا

أَبُو أُمَّهِ حَيٌّ أَبُوهُ يُقارِبُهْ

أي ليس مِثَلُهُ في الناسِ حَيٌّ يُقارِبُه إلاَّ مُمَلَّكاً أَبُو أُمّه أَبُوهُ،


أريد، فقال لا أدرى غير ذلك، فقال الأستاذ هذا التكرير في أمدحه أمدحه مع الجمع بين الحاء والهاء وهما من حروف الحلق خارِجٌ عن حد الاعتدال، نَافِرٌ كل التنافر، فأثنى عليه الصاحب.

[والتعقيد]: أي كون الكلام مُعَقَّداً [أن لا يكون الكلام ظاهر الدلالة على المراد لخلل] واقع [إما في النظم] بسبب تقديم أو تأخير أو حذف أو غير ذلك مما يوجب صعوبة فهم المراد [كقول الفرزدق في خال هشام] بن عبدالملك وهو إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومي.

[وما مثله فى الناس إلاّ مملكا

أبو أمه حي أبوه يقاربه]

[أي ليس مثله] في الناس [حي يقاربه] أي أحد يشبهه في الفضائل [إلا مملكا] أي رجلا أعطى الملك والمال يعنى هشاما [أبو أمه] أي أبو أم ذلك المملك [أبوه] أي أبو إبراهيم الممدوح، أي لا يماثله أحد إلا ابن أخته وهو هشام، ففيه فصل بين المبتدأ والخبر، أعني ـ أبو أمه أبوه ـ بالأجنبى الذي هو ـ حي ـ وبين الموصوف والصفة، أعنى ـ حَيٌّ يقاربه ـ بالأجنبى الذي هو ـ أبوه ـ وتقديم المستثنى أعنى ـ مملكا ـ على المستثنى منه، أعنى ـ حَيٌّ ـ وفَصْلٌ كثير بين البدل وهو ـ حَيٌّ ـ والمبدل منه وهو ـ مثله ـ فقوله ـ اسم ما، و ـ في الناس ـ خبره، و ـ إلا مملكا ـ منصوب لتقدمه على المستثنى منه(١).

__________________

(١) وقد حمل بعضهم البيت على وجه لا تعقيد فيه، فجعل قوله ـ مملكا ـ مستثنى من ضمير الجار

۵۲۰۱