رَدٌّ إلَى الْجَهالَةِ، وَالْأَقْرَبُ أنْ يُقَالَ المَقْبُولُ مِنْ طُرُقِ التَّعْبِيرِ عَنِ الْمُرَادِ تَأْدِيَةُ أصْلِهِ بِلَفْظ مُساو لَهُ، أَوْ ناقِص عَنْهُ وَاف، أَوْ زَائِد عَلَيْهِ لِفائِدَة، وَاحْتُرِزَ بِوَاف عَنِ الاْخْلاَلِ، كَقَوْلِهِ:

وَالْعَيْشُ خَيْرٌ فِي ظِلاَ

لِ النَّوْكِ مِمَّنْ عاشَ كَدَّا


يليق بالمقام من كلام أبسط من الكلام المذكور [رد إلى الجهالة] إذ لا تُعْرَفُ كَمِّيَّةُ متعارف الأوساط وكَيْفِيَّتُهَا لاختلاف طبقاتهم، ولا يعرف أن كل مقام أيَّ مقدار يقتضى من البسط حتى يقاس عليه ويرجع إليه، والجواب أن الألفاظ قوالب المعاني، والأوساط الذين لا يقدرون في تأدية المعاني على اختلاف العبارات والتصرف في لطائف الاعتبارات لهم حَدٌّ(١) من الكلام يجري فيما بينهم في المحاورات والمعاملات معلوم للبلغاء وغيرهم، فالبناء على المتعارف واضح بالنسبة إليهما جميعا، وأما البناء على البسط الموصوف فإنما هو معلوم للبلغاء العارفين بمقتضيات الأحوال بقدر ما يمكن لهم، فلا يُجْهَلُ عندهم ما يقتضيه كل مقام من مقدار البسط [والأقرب] إلى الصواب [أن يقال: المقبول من طرق التعبير عن المراد تأدية أصله بلفظ مساو له] أي لأصل المراد [أو] بلفظ [ناقص عنه واف، أو بلفظ زائد عليه لفائدة] فالمساواة أن يكون اللفظ بمقدار أصل المراد، والإيجاز أن يكون ناقصا عنه وافيا به، والإطناب أن يكون زائدا عليه لفائدة [واحترز بواف عن الاخلال] وهو أن يكون اللفظ ناقصا عن أصل المراد غير وَاف به [كقوله: والعيش خير في ظلال النوك] أي الحمق والجهالة [ممن عاش كدا(٢)] أي خير ممن عاش مَكْدُوداً مَتْعُوباً

__________________

(١) وهو لا يتعدى الدلالة الوضعية.

(٢) البيت للحارث بن حِلِّزَةَ الْيَشْكُرِيِّ من شعراء الجاهلية، وقد قيل إنه لا إخلال فيه، لأنه اعتمد على ما هو مشهور من أن عيش الجاهل ناعم، وعيش الكد لا يكون إلا للعاقل.

۵۲۰۱