وَقَوْلِهِ ـ أنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ ـ وَقَوْلِهِ ـ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةِ مِنَ اللهِ وَفَضْلِ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ـ وَقَوْلِهِ ـ أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ـ أمَّا المُثْبَتُ فَلِدَلاَلَتِهِ عَلَى الحُصُولِ لِكَوْنِهِ فِعْلاً مُثْبتاً، دُونَ المُقَارَنَةِ لِكَوْنِهِ مَاضِياً، وَلِهَذَا شُرِطَ أنْ يَكُونَ مَعَ قَدْ ظاهِرَةً أوْ مُقَدَّرَةً، وَأمَّا المنْفِيُّ فَلِدَلاَلَتِهِ عَلَى المُقَارَنَةِ دُونَ الْحُصُولِ، أَمَّا الْأَوَّلُ


المضارع المنفى بِلَمْ أو لَمَّا، فإنهما يقلبان معني المضارع إلى الماضى، فأوْرَدَ للمنفى بلم مثالين: أحدهما مع الواو، والآخر بدونه، واقتصر في المنفى بلَمَّا على ما هو بالواو، وكأنه لم يطلع على مثال ترك الواو، إلا أنه مقتضى القياس، فقال [وقوله ـ أني يكون لي غلام ولم يمسسنى بشر ـ وقوله ـ فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء ـ وقوله ـ أم حسبتم أن تدخلو الجنة ولما يأتكم مثل الذي خلوا من قبلكم ـ أما المثبت] أي أما جواز الأمرين في الماضى المثبت [فلدلالته على الحصول] يعنى حصول صفة غير ثابتة [لكونه فعلا مثبتا، دون المقارنة لكونه ماضيا] فلا يُقَارِنُ الحال [ولهذا] أي ولعدم دلالته على المقارنة [شرط أن يكون مع قد ظاهرة] كما في قوله تعالى ـ وقد بلغنى الكبر [أو مقدرة] كما في قوله تعالى ـ حصرت صدورهم ـ لأن قد تقرب الماضى من الحال، والاشكال المذكور وَارِدٌ ههنا، وهو أن الحال التي نحن بصددها غير الحال التي تقابل الماضى، وَتُقَرِّبُ ـ قد ـ الماضى منها، فتجوز المقارنة إذا كان الحال والعامل ماضيين، ولفظ ـ قد ـ إنما يقرب الماضى من الحال التي هي زمان التكلم، وربما يبعده عن الحال التي نحن بصددها، كما في قولنا ـ جاءني زيد في السنة الماضية وقد ركب فرسه ـ والاعتذار عن ذلك مذكور في الشرح(١)[ وأما المنفي] أي أما جواز الأمرين في الماضى المنفي [فلدلالته على المقارنة دون الحصول، أما الأول]

__________________

(١) ومحصله أنه أتى بقد لدفع التنافى لفظا، وإن كان الحالان متنافيين في الحقيقة.

۵۲۰۱