وَلِذلِكَ حَسُنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الثّلاَثَةِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ:

ثَلاَثَةٌ تُشْرِقُ الدُّنْيا بِبَهْجَتِها

شَمْسُ الضُّحىوَأبُوإسْحَاقَوَالْقَمَرُ

أوْ تَضَادٌّ كالسَّوادِ وَالْبَياضِ وَالْكُفْرِ وَالاْيمَانِ، وَما يَتّصِفُ بِها كالْأَبْيَضِ وَالْأَسْودِ وَالْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، أوْشِبْهُ تَضَادٍّ كالسَّمَاءِ وَالأرْضِ وَالأوَّلِ وَالثَّانِي،


[ولذلك] أي ولأن الوهم يبرزهما في معرض المثلين [حسن الجمع بين الثلاثة التي في قوله:

ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها

شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر]

فإن الوهم يتوهم أن الثلاثة من نوع واحد، وإنما اختلفت بالعوارض، والعقل يعرف أنها أمور متباينة [أو] يكون بين تَصَوُّرَيْهِمَا [تضاد] وهو التقابل بين أمرين وُجُودِيَّيْنِ يتعاقبان على محل واحد [كالسواد والبياض] في المحسوسات [والايمان والكفر] في المعقولات، والحق أن بينهما تقابل الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ، لأن الايمان هو تصديق النبي عليه الصلاة والسلام في جميع ما علم مجيئه به بالضرورة، أعنى قبول النفس لذلك والاذعان له على ما هو تفسير التصديق في المنطق عند المحققين، مع الاقرار به باللسان، والكفر عدم الايمان عَمَّا مِنْ شأنه الايمان، وقد يقال الكفر إنكار شيء من ذلك، فيكون وُجُودِيّاً، فيكونان مُتَضَادَّيْنِ [وما يتصف بها] أي بالمذكورات، [كالأسود والأبيض والمؤمن والكافر] وأمثال ذلك، فإنه يُعدُّ من المتضادين باعتبار الاشتمال على الوصفين المتضادين [أو شبه تضاد كالسماء والأرض] في المحسوسات، فإنهما وجوديان أحدهما في غاية الارتفاع، والآخر في غاية الانحطاط، وهذا معني شبه التضاد، وليسا متضادين لعدم تَوَارُدِهِمَا على الْمَحَلِّ، لكونهما من الأجسام دون الأعراض، ولا من قبيل الأسود والأبيض، لأن الوصفين المتضادين ههنا ليسا بداخلين في مفهومى السماء والأرض [والأول والثاني] فيما

۵۲۰۱