أوْ تَضَايُفٌ كما بَيْنَ الْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ أو الأقَلِّ وَالأكْثَرِ، أوْ وَهْمِيٌّ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَ تَصَوُّرَيْهِمَا شِبْهُ تَماثُل، كَلَوْنَىْ بَياض وَصُفْرَة، فَإنَّ الْوَهْمَ يُبرِزُهُمَا فِي مَعْرِضِ الْمِثْلَيْنِ،


الجزئي الحقيقي عن عوارضه الْمُشَخِّصَةِ الْخَارِجِيَّةِ وينتزع منه المعنى الْكُلِّيِّ فيدركه على ما تقرر في موضعه، وإنما قال ـ في الخارج ـ لأنه لا يجرده عن المشخصات العقلية، لأن كل ما هو موجود في العقل فلا بدله من تشخص فيه به يمتاز عن سائر المعقولات، وههنا بحث وهو أن التماثل هو الاتحاد في النوع، مثل اتحاد زيد وعمرو مثلا في الإنسَانِيَّةِ، وإذا كان التماثل جامعا لم تتوقف صحة قولنا ـ زيد كاتب وعمرو شاعر ـ على أخُوَّةِ زيد وعمرو أو صداقتهما أو نحو ذلك، لأنهما متماثلان لكونهما من أفراد الإنسان، والجواب أن المراد بالتماثل ههنا اشتراكهما في وصف له نوع اختصاص بهما(١) على ما سيتضح في باب التشبيه [أو تضايف] وهو كَوْنُ الشيئين بحيث لا يمكن تَعَقُّلُ كُلٍّ منهما إلا بالقياس إلى تعقل الآخر [كما بين العلة والمعلول] فإن كل أمر يصدر عنه أمر آخر بالاستقلال أو بواسطة انضمام الغير إليه فهو علة والآخر معلول [أو الأقل والأكثر] فإن كل عدد يصير عند الْعدِّ فانيا قبل عدد آخر فهو أقل من الآخر، والآخر أكثر منه [أو وهمي] وهو أمر بسببه يحتال الوهم في اجتماعهما عند الْمُفَكِّرَةِ، بخلاف العقل فإنه إذا خُلِّيَ ونَفْسَهُ لم يحكم بذلك، وذلك [بأن يكون بين تصوريهما شبه تماثل، كلونى بياض وصفرة، فإن الوهم يبرزهما في معرض المثلين] من جهة أنه يسبق إلى الوهم أنهما نوع واحد زيد في أحدهما عَارِض(٢) بخلاف العقل فإنه يعرف أنهما نوعان متباينان داخلان تحت جنس هو اللون

__________________

(١) أي مع اشتراكهما في الحقيقة.

(٢) وهو الْكُدْرَةُ في الصفرة، أو الاشراق في البياض.

۵۲۰۱