الْجَامِعُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ إمَّا عَقْلِيٌّ، بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا اتِّحَادٌ فِي التَّصَوُّرِ أوْ تَماثُلٌ، فَإنَّ الْعَقْلَ بِتَجْرِيدِهِ الْمِثْلَيْنِ عَنِ التَّشَخُّصِ فِي الخارِجِ يَرْفَعُ التَّعَدُّدَ بَيْنَهُما،


لِلْكلِّيَاتِ، وبالوهم القوة المدركة للمعاني الجزئية الموجودة في المحسوسات من غير أن يتأدى إليها من طُرُقِ الْحَوَاسِّ، كادراك الشاة مَعْنىً في الذئب(١) وبالخيال القوة التي تجتمع فيها صور المحسوسات وتبقى فيها بعد غَيْبُوبَتِها عن الْحِسِّ الْمُشْتَرَكِ، وهو القوة التي تتأدي إليها صور المحسوسات من طرق الحواس الظاهرة، وبالمفكرة القوة التي من شأنها التفصيل والتركيب بين الصور المأخوذة من الحس المشترك والمعاني المدركة بالوهم بَعْضِها مع بعض، ونعنى بالصور ما يمكن إدراكه بإحدى الحواس الظاهرة، وبالمعاني ما لا يمكن إدراكه بها، فقال السكاكى الجامع بين الجملتين إما عقلى، وهو أن يكون بين الجملتين اتحاد في تَصَوُّر مَّا، مثل الاتحاد في المخبر عنه أو في المخبر به أو في قيد من قيودهما، وهذا ظاهر في أن المراد بالتصور الأمر الْمُتَصَوَّرُ(٢) ولما كان مقررا أنه لا يكفي في عطف الجملتين وجود الجامع بين مفردين من مفرداتهما باعتراف السكاكى أيضا غَيَّرَ المصنف عبارة السكاكى(٣) فقال [الجامع بين الشيئين إما عقلي] وهو أمر بسببه يقتضى العقل اجتماعهما في الْمُفَكِّرَةِ، وذلك [بأن يكون بينهما اتحاد في التصور أو تماثل(٤) فإن العقل بتجريده المثلين عن التشخص في الخارج يرفع التعدد بينهما] فيصيران متحدين، وذلك لأن العقل يجرد

__________________

(١) وهو الايذاء والعداوة، فالعداوة التي في الذئب معني جزئي تدركه الشاة بالواهمة.

(٢) وهذا الإطلاق لا شيء فيه لأنه كثيرا ما يقع في كلامهم.

(٣) فأبدل الجملتين بالشيئين لأن الجامع يجب في مفردات الجملتين، ولا يكفي وجوده بين مفردين منها، وسيعود الشارح إلى تحقيق هذا.

(٤) وهذا بأن يتفقا في الحقيقة ويختلفا في العوارض.

۵۲۰۱