زَعَمَ الْعَوَاذِلُ أَنَّنِي فِي غَمْرَة

صَدَقُوا وَلكِنْ غَمْرَتِي لا تَنْجَلِى

وَأَيْضاً مِنْهُ ما يَأْتِى بإعادَةِ اسْمِ ما اسْتُؤْنِفَ عَنْهُ، نَحْوُ ـ أَحْسَنْتَ إلَى زَيْد زَيْدٌ حَقِيقٌ بِالاْحْسَانَ ـ وَمِنْهُ ما يُبْنَى عَلَى صِفَتِهِ، نَحْوُ ـ أَحْسَنْتَ إلَى زَيْد صَدِيقُكَ الْقَديمُ أَهْلٌ لِذلِكَ ـ وَهذَا أَبْلَغُ،


[أنني في غمرة] وشدة [صدقوا] أي الجماعات العواذل في زعمهم أننى في غمرة [ولكن غمرتى لا تنجلى] ولا تنكشف، بخلاف أكثر الغمرات والشدائد، كأنه قيل: أصدقوا أم كذبوا؟ فقيل صدقوا [وأيضا منه] أي من الاستئناف، وهذا إشارة إلى تقسيم آخر له [ما يأتى باعادة اسم ما استؤنف عنه] أي أُوقِعَ عنه الاستئناف، وأصل الكلام ما استؤنف عنه الحديث، فحذف المفعول(١) ونزل الفعل منزلة اللازم [نحو ـ أحسنت] أنت [إلى زيد زيد حقيق بالاحسان] باعادة اسم زيد [ومنه ما يبنى على صفته] أي صفة ما استؤنف عنه دون اسمه، والمراد بالصفة صفة تصلح لِتَرَتُّبِ الحديث عليه [نحو ـ أحسنت إلي زيد صديقك القديم أهل لذلك] والسؤال المقدر فيهما ـ لماذا أحسن إليه؟ وهل هو حقيق بالاحسان؟ [وهذا] أي الاستئناف المبنى على الصفة [أبلغ] لاشتماله على بيان السبب الموجب للحكم، كالصداقة القديمة في المثال المذكور، لما يسبق إلى الفهم من تَرَتُّبِ الحكم على الوصف الصالح لِلْعِليَّةِ أنه عِلَّةٌ له، وهنا بحث(٢) وهو أن السؤال إن كان عن السبب فالجواب يشتمل على بيانه لا محالة(٣) وإلا فلا وجه لاشتماله عليه، كما في قوله تعالى ﴿قالوا سلاما قال

__________________

(١) يعنى به نائب الفاعل.

(٢) أي في كون الإستئناف الْمَبْنِيِّ على الصفة أبلغ.

(٣) ولا فرق في ذلك بين المبنى على الصفة والمبنى على الاسم.

۵۲۰۱