أَيْ ما بالُكَ عَلِيلاً، أَوْ ما سَبَبُ عِلّتِكَ، وَإمَّا عَنْ سَبَبِ خَاصٍّ نَحْوُ ـ ومَا أُبَرِّئُ نَفْسِى إنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ـ وَهذَا الضّرْبُ يَقْتَضِى تَأْكِيدَ الحُكْمِ كما مَرَّ، وَإمَّا عَنْ غَيْرِهِمَا، نَحْوُ ـ قَالُوا سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ ـ أَيْ فَماذَا قَالَ، وَقَوْلِهِ:


أي ما بالك عليلا، أو ما سبب علتك] بقرينة العرف والعادة، لأنه إذا قيل ـ فلان مريض ـ فإنما يسأل عن مرضه وسببه، لا أن يقال هل سبب علته كذا وكذا، لا سِيَما السهر والحزن، حتى يكون السؤال عن السبب الخاص [وإما عن سبب خاص] لهذا الحكم [نحو ـ وما أبرىء نفسى إن النفس لأمارة بالسوء] كأنه قيل: هل النفس أمارة بالسوء؟ فقيل: ان النفس لامّارة بالسوء، بقرينة التأكيد، فالتأكيد دليل على أن السؤال عن السبب الخاص، فإن الجواب عن مطلق السبب لا يُؤَكَّدَ(١) [وهذا الضرب يقتضى تأكيد الحكم] الذي هو في الجملة الثانية، أعنى الجواب، لأن السائل مُتَرَدِّدٌ في هذا السبب الخاص هل هو سبب الحكم أم لا [كما مر] في أحوال الاسناد الخبري، من أن المخاطب إذا كان طالبا مترددا حسن تقوية الحكم بمؤكد، ولا يخفى أن المراد الاقتضاء استحسانا لا وجوبا، والمستحسن في باب البلاغة بمنزلة الواجب(٢) [وإما عن غيرهما] أي غير السبب المطلق والخاص [نحو ـ قالوا سلاما قال سلام ـ أي فماذا قال] إبراهيم في جواب سلامهم؟ فقيل: قال سلام، أي حياهم بتحية أحسن، لكونها بالجملة الاسمية الدالة على الدَّوَامِ والثُّبُوتِ [وقوله: زعم العواذل] جمع عاذلة بمعنى جماعة عاذلة(٣)

__________________

(١) لأنه تصور لا تصديق حتى يمكن تأكيده.

(٢) ولهذا عبر المتن بالاقتضاء.

(٣) أي من الذكور بدليل قوله ـ صدقوا ـ وإنما لم يجعل جمع عاذل، لأن فاعلا لا يطرد جمعه على فواعل، وقد ذكر شارح الشواهد أنه لم يعرف قائل هذا البيت.

۵۲۰۱