وَقَدْ يُحْذَفُ صدر الاِسْتِئْنافِ، نَحْوُ ـ يُسْبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصالِ، رِجَالٌ ـ فِيمَنْ قَرَأَها مَفْتُوحَةَ الْبَاءِ، وَعَلَيْهِ ـ نِعْمَ الرَّجُلُ زَيْدٌ ـ عَلَى قَوْل، وَقَدْ يُحْذَفُ كُلُّهُ إمَّا مَعَ قِيامِ شَيْء مَقَامَهُ، نَحْوُ قَوْلِ الْحَماسِيِّ:

زَعَمْتُمْ أَنَّ إخْوَتَكُم قُرَيْشٌ

لَهُمْ إلْفٌ وَلَيْسَ لَكُمْ إلاَفُ

أَوْ بِدُونِ ذلِكَ، نَحْوُ ـ فَنِعْمَ الماهِدُونَ ـ أَىْ نَحْنُ عَلَى قَوْل.


سلام وقوله ـ زعم العواذل ـ ووجه التَّفَصِّى عن ذلك مذكور في الشرح(١) [وقد يحذف صدر الاستئناف] فعلا كان أو اسما [نحو ـ يسبح له فيها بالغدو والآصال، رجال ـ فيمن قرأها مفتوحة الباء] كأنه قيل: من يُسَبِّحُهُ؟ فقيل رجال، أي يسبحه رجال [وعليه ـ نعم الرجل زيد] أو نعم رجلا زيد [على قول] أي على قول من يجعل المخصوص خبر مبتدإ محذوف، أي هو زيد، ويجعل الجملة استئنافا جوابا للسؤال عن تفسير الفاعل الْمُبْهَمِ [وقد يحذف] الاستئناف [كله، إما مع قيام شيء مقامه، نحو قول الحماسى(٢) زعمتم أن إخوتكم قريش * لهم إلف] أي إيلاف في الرِّحْلَتَيْن المعروفتين لهم في التجارة، رحلة في الشتاء إلى اليمن، ورحلة في الصيف إلى الشام [وليس لكم إلاف] أي مُؤَالَفَةٌ في الرحلتين المعروفتين، كأنه قيل: أصدقنا في هذا الزعم أم كذبنا؟ فقيل كذبتم، فحذف هذا الاستئناف كله، وأقيم قوله ـ لهم إلف وليس لكم إلاف ـ مقامه لدلالته عليه [أو بدون ذلك] أي قيام شيء مقامه اكتفاءً بمجرد القرينة [نحو ـ فنعم الماهدون ـ أي نحن على قول] أي على قول من يجعل المخصوص خبر المبتدإ،

__________________

(١) وهو باختيار الشق الأول، والفرق حاصل بأن المبنى على الاسم فيه ذكر السبب فقط، أما المبنى على الصفة ففيه ذكر السبب وسببه، كالصداقة القديمة في المثال الثاني، وفي هذا من التدقيق ما يجعله أبلغ من الأول.

(٢) هو مُسَاوِرُ بن هند بن قيس بن زُهَيْر العبسى من الشعراء المخضرمين، وهو يهجو بذلك بنى أسد، ويكذبهم في انتسابهم إلى قريش.

۵۲۰۱