(السَّكَّاكِيُّ) فَيُنَزَّلُ ذلِكَ مَنْزِلَةَ الْوَاقِعِ لِنُكْتَة كاغْناءِ السَّامِعِ عَنْ أَنْ يَسْأَلَ، أَوْ مِثْلِ أَلاَّ يُسْمَعَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَيُسَمَّى الْفَصْلُ لِذَلِكَ اسْتِئْنَافاً، وَكَذَا الثَّانِيَةُ، وَهُوَ ثَلاَثَةُ أَضْرُب: لِأَنَّ السُّؤَالَ إمَّا عَن سَبَبِ الْحُكْمِ مُطْلَقاً، نَحْوُ:

قالَ لِي كَيْفَ أَنْتَ قُلْتُ عَلِيلُ

سَهرٌ دَائِمٌ وَحُزْنٌ طَوِيل


لما بينهما من الاتصال ـ قال [السكاكي: فينزل ذلك] أي السؤال الذي تقتضيه الأولى وتدل عليه بالفحوي(١) [منزلة السؤال الواقع] ويطلب بالكلام الثاني وقوعه جوابا له، فيقطع عن الكلام الأول لذلك، وتنزيله منزلة الواقع إنما يكون [لنكتة كاغناء السامع عن أن يسأل أو] مثل [ألا يسمع منه] أي من السامع [شيء] تحقيرا له وكراهة لكلامه، أو مثل ألا ينقطع كلامك بكلامه، أو مثل القصد إلى تكثير المعنى بتقليل اللفظ، وهو تقدير السؤال وترك العاطف، أو غير ذلك، وليس في كلام السكاكى دلالة على أن الأولى تنزل منزلة السؤال، فكأن المصنف نظر إلى أن قطع الثانية عن الأولى مثل قطع الجواب عن السؤال إنما يكون على تقدير تنزيل الأولى منزلة السؤال وتشبيهها به، والأظهر أنه لا حاجة إلى ذلك، بل مجرد كَوْنِ الأولى مَنْشَئاً للسؤال كَاف في ذلك، أشير إليه في الكشَّاف [ويسمى الفصل لذلك] أي لكونه جوابا لسؤال اقتضته الأولى [استئنافا، وكذا] الجملة [الثانية] نفسها أيضا تسمى استئنافا ومُسْتَأْنَفَةً [وهو] أي الاستئناف [ثلاثة أضرب: لأن السؤال] الذي تضمنته الأولى [إما عن سبب الحكم مطلقا نحو:

قال لي كيف أنت قلت عليل

سهر دائم وحزن طويل(٢)

__________________

(١) أي بقوة الكلام باعتبار قرائن الأحوال.

(٢) سبق الكلام عليه في أول باب المسند إليه.

۵۲۰۱