وَالتهْدِيدِ، نَحْوَ ـ اعْمَلُوا ما شئْتُمْ ـ وَالتَّعْجيزِ، نَحْوُ ـ فَأْتُوا بِسُورَة مِنْ مِثْلهِ ـ وَالتَّسْخِيرِ، نَحْوُ ـ كُونوا قَرِدَةً خاسئينَ ـ وَالْإِهَانَةِ، نَحْوُ ـ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً ـ


[والتهديد] أي التخويف، وهو أعم من الانذار، لأنه إبلاغ مع التخويف(١) وفي الصَّحَاحِ الإنذار تخويف مع دعوة [نحو ـ اعملوا ما شئتم] لظهور أن ليس المراد الأمر بكل عمل شاؤا [والتعجيز نحو ـ فأتوا بسورة من مثله] إذ ليس المراد طلب إتيانهم بسورة من مثله لِكَوْنِهِ محالا، والظَّرْفُ أعنى قوله ـ من مثله مُتَعَلِّقٌ بفأتوا والضمير لعبدنا، أو صفة لسورة والضمير لما نَزَّلْنَا أو لعبدنا(٢) فإن قلت لم لا يجوز على الأول أن يكون الضمير لما نزلنا، قلت لأنه يقتضى ثبوت مثل القرآن في البلاغة وعُلوِّ الطبقة بشهادة الذوق، إذ التعجيز إنما يكون عن الْمَأْتِيِّ به(٣) فكأن مثل القرآن ثابت لكنهم عجزوا عن أن يأتوا منه بسورة، بخلاف ما إذا كان وصفا للسورة فإن المعجوز عنه هو السورة الموصوفة باعتبار انتفاء الوصف، فإن قلت فليكن التعجيز(٤) باعتبار انتفاء الْمأْتيِّ منه، قلنا احتمال عقلى لا يسبق إلى الفهم(٥) ولا يوجد له مَسَاغٌ في اعتبارات البلغاء واستعمالاتهم فلا اعتداد به، ولبعضهم هنا كلام طويل لا طائل تحته [والتسخير نحو ـ كونوا قردة خاسئين ـ والاهانة نحو ـ كونوا حجارة أو حديدا] إذ ليس الغرض أن يطلب منهم كَوْنُهُمْ قردة أو حجارة لعدم قدرتهم على ذلك، لكِنْ في

__________________

(١) الأوضح أن يقال لأنه تخويف مع إبلاغ، وهذا مثل قوله تعالى ﴿قُل تَمَتَّعُوا فَإنَّ مَصِيرَكُمْ إلَى النَّارِفصيغة ـ تمتعوا ـ مع ما بعدها تخويف بأمر مع إبلاغه عن الغير، ولا يشترط في التهديد الابلاغ عن الغير بأن يكون من عند نفسه، ولهذا كان أعم من الانذار.

(٢) وهذا في قوله تعالى قبل ذلك ﴿وَإنْ كُنْتُمْ فِي رَيْب مِمَّا نزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَة من مِثْلِهِ﴾ ـ الآية.

(٣) وهو السورة، أي عن الاتيان بها مع وجود المأتي منه وهو المثل.

(٤) أي عند تعليق الظرف بقوله فأتوا.

(٥) لأن القيود هي التي تكون مَحَطَّ القصد.

۵۲۰۱