وَالْوَعِيدِ، كَقَوْلِكَ لِمَنْ يُسِئُ الْأَدَبَ ـ أَلَمْ أُؤدِّبْ فُلاَناً ـ إذَا عَلِمَ الْمُخَاطَبُ ذلِكَ، وَالتّقْرِيرِ بإيلاَءِ المُقَرَّرِ بِهِ الْهَمْزَةِ كَمَا مَرَّ، وَالاْنْكَارِ كَذلِكَ، نَحْوُ ـ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ، أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً ـ وَمِنْهُ ـ أَلَيْسَ اللهُ بِكَاف عَبْدَهُ ـ أَيِ اللهُ كَاف عَبْدَهُ، لِأَنَّ إنْكَارَ النَّفْيِ نَفْيٌ لَهُ وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ، وَهَذَا مُرادُ مَنْ قَالَ إنَّ الْهَمْزَةَ فِيهِ لِلتّقْرِيرِ أَيْ


لمن يسىء الأدب ـ ألم أؤدب فلانا ـ إذا علم المخاطب ذلك] وهو أنك أدَّبْتَ فلانا، فيفهم معنى الوعيد والتخويف ولا يحمله على السؤال [والتقرير] أي حمل المخاطب على الاقرار بما يعرفه وإلجائه إليه [بايلاء المقرر به الهمزة] أي بشرط أن يُذْكَرَ بعد الهمزة ما حُمِلَ المخاطب على الاقرار به [كما مر] في حقيقة الاستفهام من إيلاء المسؤول عنه الهمزة، تقول ـ أضربت زيدا ـ في تقريره بالفعل ـ و ـ أأنت ضربت ـ في تقريره بالفاعل، و ـ أزيدا ضربت ـ في تقريره بالمفعول، وعلى هذا القياس، وقد يقال التقرير بمعنى التحقيق والتثبيت، فيقال ـ أضربت زيدا بمعنى أنك ضربته ألْبتَّة [والانكار كذلك نحو ـ أغير الله تدعون] أي بايلاء الْمُنْكَرِ الهمزة، كالفعل في قوله:

«أيقتلنى والْمَشْرَفِيُّ مُضَاجعى(١)»

والفاعل في قوله تعالى ﴿أهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ والمفعول في قوله تعالى [أغَيْرَّ اللهِ أتَّخِذُ وَلِيّاً] وأما غير الهمزة فيجىء للتقرير والإنكار لكن لا يجرى فيه هذه التفاصيل ولا يكثر كثرة الهمزة فلذا لم يبحث عنه [ومنه] أي من مجىء الهمزة للانكار نحو ـ [أليس الله بكاف عبده ـ أي الله كاف عبده لأن إنكار النفي نفي له ونفي النفي إثبات، وهذا ]المعنى [مراد من قال: الهمزة فيه للتقرير أي] لحمل المخاطب على الاقرار

__________________

(١) هو من قول امرىء القيس:

أيقتلنى والمشرفى مضاجعى

ومسنونةٌ زُرْقٌ كأنيابِ أغْوالِ

والمشرفى السيف المنسوب إلى مشارف الشام، والمسنونة السهام المحددة النصال.

۵۲۰۱