وَالْبَاقِيَةُ لِطَلَبِ التّصَوُّرِ فَقَطْ، قِيلَ فَيُطْلَبُ بِمَا شَرْحُ الاِسْمِ، كَقَوْلِنا ـ مَا الْعَنْقَاءُ ـ أَوْ مَاهِيَّةُ الْمُسَمَّى، كَقَوْلِنَا ـ ما الْحَرَكَةُ ـ وَتَقَعُ هَلْ الْبَسِيطَةُ فِي التَّرْتِيبِ بَيْنَهُما.


الدوام للحركة أوْ لاَ وجوده لها، وقد اعتبر في هذه شيئان غير الوجود وفي الأولى شيء واحد(١) فكانت مركبة بالنسبة إلى الأولى، وهي بسيطة بالنسبة إليها.

[والباقية] من ألفاظ الاستفهام تشترك في أنها [لطلب التصور فقط] وتختلف من جهة أن المطلوب بكل منها تصور شيء آخر [قيل فيطلب بما شرح الاسم كقولنا ـ ما العنقاء] طالبا أن يُشْرَحَ هذا الاسم ويُبَيَّنَ مفهومه، فيجاب بإيراد لفظ أشْهَرَ [أو ماهية المسمى] أي حقيقته التي هُوَ بِهَا هُوَ [كقولنا ما الحركة] أي ما حقيقة مسمي هذا اللفظ، فيجاب بايراد ذَاتِيَّاتِهِ [وتقع هل البسيطة في الترتيب بينهما] أي بين ما التي لشرح الاسم والتى لطلب الماهية، يعنى أن مقتضى الترتيب الطبيعى أن يُطْلَبَ أوَّلاً شرح الاسم، ثم وجود المفهوم في نفسه، ثم مَاهِيَّتُهُ وحقيقته، لأن من لا يعرف مفهوم اللفظ استحال منه أن يطلب وجود ذلك المفهوم، ومن لا يعرف أنه موجود استحال منه أن يطلب حقيقته وماهيته، إذ لا حقيقة للمعدوم ولا ماهية له، والفرق بين المفهوم من الاسم بالجملة وبين الماهية التي تفهم من الحد بالتفصيل غير قليل، فإن كل من خوطب باسم فَهِمَ فَهْماً ما، ووقف على الشيء الذي يدل عليه الاسم إذا كان عالما باللغة، وأما الحد فلا يقف عليه إلا الْمُرْتَاضُ بصناعة المنطق، فالموجودات لها حقائق ومفهومات، فلها حدود حقيقية واسمية(٢) وأما المعدومات فليس لها إلا المفهومات، فلا حدود لها إلا بحسب الاسم، لأن الحد بحسب الذات لا يكون إلا بعد أن يعرف أن الذات موجودة، حتى إن ما يوضع في أول التعاليم من

__________________

(١) الشيء الواحد هو الحركة، والشيئان هما الحركة والدوام.

(٢) الحدود الحقيقية هي التي تدل على الحقائق، والاسمية هي التى تدل على المفهومات الاجمالية.

۵۲۰۱