وَلِهَذا كانَ ـ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ ـ أَدَلَّ عَلى طَلَبِ الشُّكْرِ مِنْ ـ فَهَلْ تَشْكُرُون، وَفَهَلْ أَنْتمْ تَشْكُرُونَ ـ لِأَنَّ إبْرَازَ ما سَيتجَدَّدُ في مَعْرِضِ الثَّابِتِ أَدَلُّ عَلَى كَمالِ الْعِنَايَةِ بِحُصُولِهِ، وَمِنْ ـ أَفَأَنْتمْ شاكِرُونَ ـ وَإنْ كانَ لِلثُّبُوتِ لِأَنَّ هلْ أَدْعى لِلْفِعْلِ مِنَ الهمزَةِ فترْكُهُ مَعَهَا أَدَلَّ عَلَى ذلِكَ، وَلِهَذَا لا يَحْسُنُ. هَلْ زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ ـ إلاَّ مِنَ الْبَلِيغِ.

وَهيَ قِسْمان: بَسيطَةٌ، وَهِيَ الَّتِي يُطْلَبُ بِها وُجُودُ الشَّيْءِ، كَقَوْلِنا ـ هَلِ الحَرَكَةُ مَوْجُودةٌ ـ وَمُرَكّبةٌ، وَهِيَ الَّتِي يُطْلَبُ بِها وُجُودُ شَيْء لِشَيْء، كَقَوْلِنَا ـ هَلِ الحَرَكَةُ دَائمَةٌ.


مدلولات الأسماء [ولهذا] أي ولأن لها مزيد اختصاص بالفعل [كان ـ فهل أنتم شاكرون ـ أدل على طلب الشكر من ـ فهل تشكرون، وفهل أنتم تشكرون] مع أنه مُؤَكَّدٌ بالتكرير، لأن ـ أنتم ـ فاعل لفعل محذوف(١) [لأن إبراز ما سيتجدد في معرض الثابت أدل على كمال العناية بحصوله(٢)] من إبقائه على أصله، كما في ـ هل تشكرون، وفهل أنتم تشكرون ـ لأنَّ هَلْ في ـ هل تشكرون، وهل أنتم تشكرون ـ على أصلها لكَوْنِهَا داخلة على الفعل تحقيقا في الأول، وتقديرا في الثاني [و] فهل أنتم شاكرون ـ أدل على طلب الشكر [من ـ أفأنتم شاكرون] أيضا [وإن كان للثبوت باعتبار] كَوْنِ الجملة اسمية [لأن هل أدعى للفعل من الهمزة فتركه معها] أي ترك الفعل مع هل [أدل على ذلك] أي على كمال العناية بحصول ماسيتجدد [ولهذا] أي ولأن هل أدعى للفعل من الهمزة [لا يحسن هل زيد منطلق إلا من البليغ] لأنه الذي يقصد به الدلالة على الثبوت وإبراز ما سيوجد في معرض الموجود.

[وهي] أي هل [قسمان: بسيطة وهي التي يطلب بها وجود الشيء] أوْ لاَ وجوده [كقولنا ـ هل الحركة موجودة] أوْ لاَ موجودة [ومركبة وهي التي يطلب بها وجود شيء لشيء] أوْ لاَ وجوده له [كقولنا ـ هل الحركة دائمة] أوْ لاَ دائمة، فإن المطلوب وجود

__________________

(١) والأصل ـ فهل تشكرون تشكرون ـ فحذف الفعل الأول فانفصل ضميره.

(٢) وهو من باب تخريج الكلام علي خلاف مقتضى الظاهر.

۵۲۰۱