وَلاِخْتِصَاصِ التَّصْدِيقِ بِهَا وَتَخْصِيصِهَا الْمُضَارِعَ بِالاِسْتِقْبَالِ كانَ لَها مَزِيدُ اخْتِصاصِ بِمَا كَوْنَهُ زَمانِيّاً أَظْهَرُ، كالْفِعْلِ،


«سأغسل عَنِّى الْعَارَ بالسيف جَالِباً

عَلَىَّ قضاءُ الله ما كان جَالِباً(١)»

وأمثال هذه أكثر من أن تحصى، وأعجب من هذا أنه لما سمع قول النحاة إنه يجب تجريد صدر الجملة الحالية عن عَلِمَ الاستقبال لِتَنَافِى الحال والاستقبال بحسب الظاهر علي ما سنذكره(٢) حتى لا يجوز ـ يأتينى زيد سيركب، أو لن يركب ـ فهم منه أنه يجب تجريد الفعل العامل في الحال عن علامة الاستقبال، حتى لا يصح تقييد مثل ـ هل تضرب، وستضرب، ولن تضرب ـ بالحال، وأوْرَدَ هذا المقال دليلا على ما ادعاه، ولم ينظر في صدر هذا المقال حتى يعرف أنه لبيان امتناع تصدير الجملة الحالية بعلم الاستقبال.

[ولاختصاص التصديق بها] أي لكون هل مقصورة على طلب التصديق وعدم مجيئها لغير التصديق كما ذكر فيما سبق [وتخصيصها المضارع بالاستقبال كان لها مزيد اختصاص بما كونه زمانيا أظهر] وما موصولة، وكونه مبتدأ خبره أظهر، وزمانيا خبر الْكَوْنِ، أي بالشيء الذي زمانيته أظهر [كالفعل] فإن الزمان جزء من مفهومه، بخلاف الاسم فإنه إنما يدل عليه حيث يدل بِعُرُوضِهِ له، أما اقتضاء تخصيصها المضارع بالاستقبال لمزيد اختصاصها بالفعل فظاهر، وأما اقتضاء كونها لطلب التصديق فقط لذلك فلأن التصديق هو الحكم بالثبوت أو الانتفاء، والنفي والإثبات إنما يتوجهان إلى المعاني والأحداث التي هي مدلولات الأفعال، لا إلى الذوات التي هي

__________________

(١) هو لسعد بن ناشب من الشعراء الاسلاميين، وجالبا حال من فاعل سأغسل وهو محل الاستشهاد، لأن عامل الحال فعل مستقبل لاقترانه بالسين، وقضاء الله برفع فاعل ـ جالبا.

(٢) في بحث الحال من باب الفصل والوصل.

۵۲۰۱