وَهِيَ تُخَصِّص المُضَارِعَ بالاِسْتِقْبَالِ، فَلاَ يَصِحُّ ـ هَلْ تَضْرِبُ زَيْداً وَهُوَ أَخُوكَ ـ كَمَا يَصِحُّ ـ أَتَضْرِبُ زَيْداً وَهُوَ أَخُوكَ،


الفعل في حَيِّزِهَا ذهلت عنه وتَسَلَّتْ، بخلاف ما إذا رأته فإنها تذكرت العهود، وحَنَّتْ إلى الألْفِ المألوف، فلم ترض بافتراق الاسم بينهما [وهي] أي هل [تخصص المضارع بالاستقبال] بحكم الوضع كالسين وسوف [فلا يصح ـ هل تضرب زيدا] في أن يكون الضرب واقعا في الحال على ما يفهم عرفا(١) من قوله [وهو أخوك، كما يصح ـ أتضرب زيدا وهو أخوك] قَصْداً إلى إنكار الفعل الواقع في الحال، بمعنى أنه لا ينبغى أن يكون ذلك، لأن هل تخصص المضارع بالاستقبال، فلا تصلح لإنكار الفعل الواقع في الحال، بخلاف الهمزة فإنها تصلح لإنكار الفعل الواقع في الحال، لأنها ليست مخصصة للمضارع بالاستقبال، وقولنا ـ في أن يكون الضرب واقعا في الحال ـ ليعلم أن هذا الامتناع جَار في كل ما يوجد فيه قرينة تدل على أن المراد إنكار الفعل الواقع في الحال، سواءٌ عَمِلَ ذلك المضارع في جملة حالية كقولك ـ أتضرب زيداً وهو أخوك ـ أوْلاَ كقوله تعالى ﴿أتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ وكقولك ـ أتؤذى أباك، وأتشتم الأمير ـ فلا يصح وقوع هل في هذه المواضع، ومن العجائب ما وقع لبعضهم في شرح هذا الموضع من أن هذا الامتناع بسبب أن الفعل المستقبل لا يجوز تقييده بالحال وإعماله فيها، ولعمرى إن هذه فِرْيَةٌ ما فيها مِرْيَةٌ، إذ لم يُنْقَلْ عن أحد من النحاة امتناع مثل ـ سيجىء زيد راكباً، وسأضرب زيداً وهو بين يَدَيِ الأمير ـ كيف وقد قال الله تعالى ﴿سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴿وَإنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْم تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَوفي الحماسة:

__________________

(١) لأن المتبادر أن الأخوة في الحال، فيكون الضرب مثلها، لأن الأصل اتحاد زمن الْمُقَيَّدِ وقيده.

۵۲۰۱