وَيَجُوزُ أَنْ يكُونَ السَّبَبُ تَرْكَ مُوَاجَهَةِ المَمْدُوحِ بِطَلَبِ مِثْل لَهُ، وَإمَّا لِلتّعْمِيمِ مَعَ الاخْتِصارِ كَقَوْلِكَ ـ قَدْ كانَ مِنْك مَا يُؤْلِمُ ـ أَيْ كُل أَحد، وَعَلَيهِ ـ
أي قد طلبنا لك مثلا، فحذف ـ مثلا ـ إذا لو ذكره لكان المناسب فلم نجده فيفوت الغرض، أعنى إيقاع عدم الوجدان على صريح لفظ المثل [ويجوز أن يكون السبب] في حذف مفعول ـ طلبنا [ترك مواجهة الممدوح بطلب مثل له] قصدا إلى المبالغة في التأدب معه، حتى كأنه لا يَجوِّزُ وجود المثل له ليطلبه، فإن العاقل لا يطلب إلا ما يُجَوِّزُ وجوده.
[وإما للتعميم] في المفعول [مع الاختصار، كقولك ـ قد كان منك ما يؤلم ـ أي كل أحد] بقرينة أن المقام مقام المبالغة، وهذا التعميم وإن أمكن أن يستفاد من ذكر المفعول بصيغة العموم، لكن يفوت الاختصار حينئذ [وعليه] أي وعلى حذف المفعول
__________________
إنَّ سير الْخَلِيطِ حين استقلاَّ
كان عَوْناً للدمع لَمَّا اسْتَهلاَّ
تطبيقات على حذف المفعول:
١ـ فلو أنَّ قومى أنطقتني رماحهم
نطقتُ ولكنَّ الرماحَ أجَرَّتِ
٢ـ لو شئتَ لم تُفْسِدْ سماحة حاتم
كرماً ولم تهدم مآثر خالدِ
٣ـ قوله تعالى ـ ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ﴾.
حذف المفعول في الأول ـ والأصل (أجرتنى) لأنه نزله منزلة اللازم ليثبت أنه كان من الرماح إجرار وحبس للألسن عن مدحهم، حتى يلزم منه بطريق الكناية مطلوبه، وهو أنها أجرته ـ وحذفه في الثاني ـ والأصل (لو شئت عدم الافساد) لارادة البيان بعد الابهام ـ وحذفه في الثالث ـ والأصل (يسقون غنمهم أو نحوه) للاختصار أو لأن المراد إثبات الفعل في نفسه.
أمثلة أخرى:
١ـ بَرِّدْ حَشَايَ إن استطعتَ بلفظه
فلقد تَضُرُّ إذا تشاء وتنفعُ
٢ـ وإذا المنية أنْشَبَتْ أظفارها
ألْفَيْتَ كل تَمِيمَة لا تنفعُ
٣ـ لولا الْمَشَقَّةُ ساد الناسُ كلُهُم
الجود يُفْقِرُ والاقدامُ قَتَّالُ