ثُمَّ إذَا كانَ المَقامُ خَطابِيّاً لا اسْتِدْلالِيّاً أفادَ ذَلِكَ مَعَ التّعْمِيمِ دَفْعاً لِلتَّحكُّمِ، وَالْأَوَّلُ كَقَوْلِ الْبُحْتُرِيّ فِي المُعْتَزّ بِاللهِ.


نحو ـ فلان يعطى ـ إلى معنى يفعل الاعطاء ويوجد هذه الحقيقة إيهاما للمبالغة بالطريق المذكور في إفادة اللام الاستغراق، فجعل المصنف قوله ـ بالطريق المذكور ـ إشارة إلى قوله ـ ثم إذا كان المقام خطابيا لا استدلاليا حمل المعرف باللام على الاستغراق، وإليه أشار بقوله [ثم] أي بعد كوْن الغرض ثُبُوتَ أصل الفعل وتنزيله منزلة اللازم من غير اعتبار كونه كناية [إذا كان المقام خطابيا] يكتفى فيه بمجرد الظن [لا استدلاليا] يطلب فيه اليقين البرهانى [أفاد] المقام أو الفعل [ذلك] أي كون الغرض ثبوته لفاعله أو نفيه عنه مطلقا [مع التعميم] في أفراد الفعل [دفعا للتحكم] اللازم من حمله على فرد دون آخر، وتحقيقه أن معنى يعطى حينئذ يفعل الاعطاء، فالاعطاء المعرف بلام الحقيقة يحمل في المقام الخطابي على استغراق الاعطاآت وشمولها مبالغة لئلا يلزم ترجيح أحد المتساويين على الآخر، لا يقال إفادة التعميم في أفراد الفعل تنافى كون الغرض الثبوت أو النفي عنه مطلقا، أي من غير اعتبار عموم ولا خصوص، لأنا نقول لا نسلم ذلك فإن عدم كون الشيء معتبرا في الغرض لا يستلزم عدم كونه مُفَاداً من الكلام، فالتعميم مفاد غير مقصود،(١) ولبعضهم في هذا المقام تخيلات فاسدة لا طائل تحتها، فلم نتعرض لها.

[والأول] وهو أن يجعل الفعل مطلقا كناية عنه متعلقا بمفعول مخصوص [كقول البحترى في المعتز بالله] تعريضا بالمستعين بالله:

__________________

(١) رد هذا بأن ما يستفاد من التركيب بلا قصد ليس من البلاغة في شيء، إذ البلغاء لا يعولون في الافادة إلا على ما يقصدونه، فالأولى في الجواب أن يقال إن الغرض من نفس الفعل الثبوت أو النفي مطلقا، وأما التعميم في أفراد الفعل فمستفاد بمعونة المقام الخطابي.

۵۲۰۱