لِأَن المُقَدَّرَ كالمَذْكُورِ، وَهُوَ ضَرْبانِ: لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُجْعَلَ الفِعْلُ مُطْلَقاً كِنَايَةً عَنْهُ مُتَعَلِّقاً بِمَفْعُول مخصُوص دَلَّتْ عَلَيْهِ قرِينَةٌ أَوْلاَ، الثّانِي كَقَوْلِهِ تَعَالَى ـ قُلْ هَلْ يسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلمُونَ وَالذينَ لا يَعْلمُونَ ـ (السَّكَّاكِيُّ)


لأن المقدر كالمذكور] في أن السامع يفهم منهما أن الغرض الإخبار بوقوع الفعل من الفاعل باعتبار تعلقه بمن وقع عليه، فإن قولنا ـ فلان يعطى الدنانير ـ يكون لبيان جنس ما يتناوله الاعطاء، لا لبيان كوْنِهِ معطيا، ويكون كلاما مع من أثْبَتَ له إعطاء غير الدنانير، لا مع من نَفَي أن يوجد منه إعطاء [وهو] أي هذا القسم الذي نزل منزلة اللازم [ضربان: لأنه إما أن يجعل الفعل] حال كَوْنِهِ [مطلقا] أي من غير اعتبار عموم أو خصوص فيه، ومن غير اعتبار تعلقه بالمفعول [كناية عنه](١) أي عن ذلك الفعل حال كونه [متعلقا بمفعول مخصوص دلت عليه قرينة أولا] يجعل كذلك [الثاني كقوله تعالى ـ قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون(٢)] أي لا يستوى من يوجد له حقيقة العلم ومن لا يوجد، وإنما قدم الثاني لأنه باعتبار كثرة وقوعه أشد اهتماما بحاله [السكاكي] ذَكَرَ في بحث إفادة اللام الاستغراق أنه إذا كان المقام خطابيا لا استدلاليا، كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ «المؤمن غِرٌّ كريم والمنافق خَبٌّ لئيم» ـ حُمِلَ الْمُعَرَّفُ باللام مفردا كان أو جمعا على الاستغراق بعلَّة إيهام أنَّ القصد إلى فرد دون آخر مع تحقق الحقيقة فيهما ترجيح لأحد المتساويين على الآخر، ثم ذكر في بحث حذف المفعول أنه قد يكون للقصد إلى نفس الفعل بتنزيل المتعدى منزلة اللازم ذهابا في

__________________

(١) فيكون الفعل المطلق، ملزوما والفعل المقيد لازما، لأن الكناية ينتقل فيها من الملزوم إلى اللازم، ولا يخفي أن المقيد ليس لازما للمطلق إلا أنه يكفى في هذا اللزوم الادعائي.

(٢) أصل هذا ـ الذي يعلمون الدين والذين لا يعلمونه ـ فحذف المفعول ونزل الفعل منزلة اللازم مبالغة في الذم، وإشارة إلى أن الجاهلين بالدين لا علم عندهم أصلا.

۵۲۰۱