في الْمَاضِى معَ الْقَطْعِ بانْتِفاءِ الشَّرْطِ،


[في الماضى مع القطع بانتفاء الشرط] فيلزم انتفاء الجزاء، كما تقول ـ لو جئتنى أكرمتك ـ معلقا الاكرام بالمجيء مع القطع بانتفائه فيلزم انتفاء الاكرام، فهي لامتناع الثاني أعنى ـ الجزاء ـ لامتناع الأول أعني ـ الشرط ـ يعنى أن الجزاء مُنْتَف بسبب انتفاء الشرط، هذا هو المشهور بين الجمهور، واعترض عليه ابن الحاجب بأن الأول سبب والثاني مُسَبَّبٌ، وانتفاء السبب لا يدل على انتفاء المسبب، لجواز أن يكون للشيء أسباب متعددة، بل الأمر بالعكس، لأن انتفاء المسبب يدل على انتفاء جميع أسبابه، فهي لامتناع الأول لامتناع الثاني، ألاترى أن قوله تعالى ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَاإنما سيق ليستدل بامتناع الفساد على امتناع تعدد الآلهة دون العكس، واستحسن المتأخرون رأي ابن الحاجب، حتى كادوا أن يجمعوا على أنها لامتناع الأول لامتناع الثاني، إمَّا لِمَا ذكره، وإمَّا لأن الأول ملزوم والثاني لازم، وانتفاء اللازم يوجب انتفاء الملزوم من غير عكس، لجواز أن يكون اللازم أعم، وأنا أقول: منشأ هذا الاعتراض قِلَّةُ التأمل، لأنه ليس معنى قولهم ـ لَوْ لاِمْتِنَاعِ الثاني لامتناع الأول أنه يُسْتَدَلُّ بامتناع الأول على امتناع الثاني، حتى يرد عليه أن انتفاء السبب أو الملزوم لا يوجب انتفاء المسبب أو اللازم، بل معناه أنها للدلالة على أن انتفاء الثاني في الخارج إنما هو بسبب انتفاء الأول، فمعنى ﴿لَوْ شَاءَ اللهُ لَهَدَاكُمْ أن انتفاء الهداية إنما هو بسبب انتفاء المشيئة، يعنى أنها تستعمل للدلالة على أن عِلَّةَ انتفاء مضمون الجزاء في الخارج هي انتفاء مضمون الشرط، من غير التفات إلى أن علة العلم بانتفاء الجزاء ما هي، ألا ترى أن قولهم: لَوْلاَ لاِمْتِنَاعِ الثاني لوجود الأول، نحو ـ لَوْلاَ عَلِيٌّ لهلك عُمَرُ ـ معناه أن وجود على سبب لعدم هلاك عمر، لا أنَّ وجوده دليل على أن عمر لم يهلك، ولهذا صح مثل قولنا ـ لو جئتنى لأكرمتك لكنك لم تجىء ـ أعنى عدم

۵۲۰۱