وَكانَ الْقِسمُ الثالِثُ مِنْ مِفْتاحِ الْعُلومِ الذِي صَنَّفَهُ الفاضِلُ الْعَلامةُ أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ السكاكِيُّ أَعْظمَ ما صُنِّفَ فيه مِنَ الْكُتُبِ المَشْهُورَةِ نَفْعاً، لِكَوْنهِ أَحْسَنَها تَرْتِيباً، وَأَتمَّها تَحْرِيراً، وَأَكْثَرَها لِلاُصُولِ جَمْعاً، وَلكِنْ كانَ غَيْرَ مَصُون عَنِ الْحَشْوِ وَالتَّطْوِيلِ وَالتَّعقِيدِ، قابِلاً لِلاِخْتِصارِ


الاعجاز بالصور الحسنة استعارة بالكناية وإثبات الوجوه استعارة تخييلية، وذكر الأستار ترشيح، ونظم القرآن تأليف كلماته مترتبة المعاني متناسقة الدلالات على حسب ما يقتضيه العقل، لا تواليها في النطق وضم بعضها إلى بعض كيفما اتفق [وكان القسم الثالث من مفتاح العلوم الذي صنفه الفاضل العلامة أبو يعقوب يوسف السكاكي(١) أعظم ما صنف فيه] أي في علم البلاغة وتوابعها [من الكتب المشهورة ]بيان لما صنف [نفعا ]تمييز من أعظم [لكونه] أي القسم الثالث [أحسنها] أي أحسن الكتب المشهورة [ترتيبا ]هو وضع كل شيء في مرتبته [و ]لكونه [أتمها تحريراً] هو تهذيب الكلام [وأكثرها ]أي أكثر الكتب [للأصول] هو متعلق بمحذوف يفسره قوله [جمعا] لأن معمول المصدر لا يتقدم عليه، والحق جواز ذلك في الظروف لأنها مما يكفيه رائحة من الفعل.

[ولكن كان] أي القسم الثالث [غير مصون] أي غير محفوظ [عن الحشو ]وهو الزائد المستغنى عنه [والتطويل] وهو الزيادة على أصل المراد بلا فائدة، وستعرف الفرق بينهما في باب الاطناب [والتعقيد] وهو كون الكلام مغلقا لا يظهر معناه بسهولة [قابلا ]خبر بعد خبر أي كان قابلا [للاختصار] لما فيه من التطويل

__________________

(١) هو يوسف بن أبي بكر بن محمد بن على السكاكي الخوارزمي، كان اماما في النحو والتصريف والمعاني والبيان والاستدلال والعروض والشعر وسائر الفنون وقد جمع في كتابه (مفتاح العلوم) اثنى عشر علما من علوم العربية، وكانت وفاته بخوارزم سنة خمس وخمسين و خمسمائة. م ـ ٢

۵۲۰۱