وَلكِنْ لاَبُدَّ مِنَ النَّظَرِ ههُنَا فِي إنْ وَإذَا وَلَوْ، فَإنْ وَإِذَا لِلشَّرْطِ فِي الإسْتِقْبَالِ، لكِنْ أَصْلُ إن عَدَمُ الْجَزْمِ بِوُقُوعِ الشَّرْطِ، وَأَصْلُ إِذَا الْجَزْمُ بِوُقُوعِهِ، وَلِذَلِكَ كَانَ النَّادِرُ مَوْقِعاً لاِنْ، وَغَلَبَ لَفْظُ الْمَاضِى مَعَ إِذَا، نَحْوُ (فَإذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ) لاِنَّ الْمُرَادَ الْحَسَنَةُ الْمُطْلَقَةُ، وَلِهذَا عُرِّفَتْ تَعْرِيفَ الْجِنْسِ، وَالسَّيِّئَةُ نَادِرَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا،


[ولكن لابد من النظر ههنا في إن وإذا ولو] لأن فيها أبحاثا كثيرة لم يُتَعَرَّضْ لها في علم النحو [فإن وإذا للشرط في الاستقبال، لكن اصل إن عدم الجزم بوقوع الشرط] فلا يقع في كلام الله تعالى على الأصل إلا حكاية أو على ضرب من التأويل [وأصل إذا الجزم] بوقوعه، فإن وإذا يشتركان في الاستقبال بخلاف لو، ويفترقان بالجزم، بالوقوع وعدم الجزم به، وأما عدم الجزم بِلاَ وُقُوعِ الشرط فلم يتعرض له لِكَوْنِهِ مُشْتَرَكاً بين إذا وإن(١)والمقصود بيان وجه الافتراق [ولذلك] أي ولأن أصل إن عدم الجزم بالوقوع [كان ]الحكم [النادر] لكونه غير مقطوع به في الغالب [موقعا لأن، و] لأن أصل إذا الجزم بالوقوع [غلب لفظ الماضى] لدلالته على الوقوع قطعا نظرا إلى نفس اللفظ، وإن نقل ههنا إلى معنى الاستقبال [مع إذا، نحو ـ فإذا جاءتهم] أي قوم موسى [الحسنة ]كالْخِصْبِ وَالرَّخَاءِ [قالوا لنا هذه] أي هذه مختصة بنا ونحن مستحقوها [وإن تصبهم سيئة] أي جَدْبٌ وَبَلاَءٌ [يطيروا] أي يتشاءموا [بموسى ومن معه] من المؤمنين، جىء في جانب الحسنة بلفظ الماضى مع إذا [لأن المراد الحسنة المطلقة] التي حُصُولُهَا مَقْطُوعٌ به [ولهذا عرفت] الحسنة [تعريف الجنس] أي الحقيقة، لأن وقوع الجنس كالواجب لكثرته واتساعه لِتَحَقُّقِهِ في كل نوع بخلاف النوع، وجيء في جانب السيئة بلفظ المضارع مع إن لما ذكره بقوله ]والسيئة نادرة بالنسبة إليها] أي

__________________

(١) ولكن عدم الجزم بلا وقوع الشرط في ـ إن ـ معناه أنه جائز، وعدم الجزم بلا وقوعه في ـ إذا ـ معناه أنه مُنْتَف، فلا اشتراك في الحقيقة بينهما في هذا أيضا.

۵۲۰۱