وَأَمَّا تَقْيِيدُ الْفِعْلِ بِمَفْعُول وَنَحْوِهِ فَلِتَرْبِيَةِ الْفَائِدَةِ، وَالْمُقَيَّدُ فِي نَحْوِ ـ كَانَ زَيْدٌ مُنْطَلِقاً ـ هُوَ مُنْطَلِقاً لاَ كَانَ.

وَأَمَّا تَرْكُهُ فَلِمَانِع مِنْهَا.


[وأما تقييد الفعل] وما يشبهه من اسم الفاعل والمفعول وغيرهما [بمفعول] مطلق أو به أو فيه أو له أو معه [ونحوه] من الحال والتمييز والاستثناء(١) [فلتربية الفائدة] لأن الحكم كلما زاد خصوصا زاد غرابة، وكلما زاد غرابة زاد إفادة، كمايظهر بالنظر إلى قولنا ـ شَيءٌ ما مَوْجُودٌ، وفلان بن فلان حفظ التوراة سنة كذا في بلد كذا.

ولما استشعر سؤالا وهو أن خبر كان من مُشْبِهَاتِ المفعول، والتقييد به ليس لتربية الفائدة لعدم الفائدة بدونه، أشار إلى جوابه بقوله [والمقيد في نحو ـ كان زيد منطلقا ـ هو منطلقا لا كان] لأن منطلقا هو نفس المسند وكان قيد له للدلالة على زمان النسبة، كما إذا قلت: زيد منطلق في الزمان الماضى.

[وأما تركه] أي ترك التقييد [فلمانع منها] أي من تربية الفائدة، مثل خوف انقضاء الفرصة أو إرادة ألاَّ يطلع الحاضرون على زمان الفعل أو مكانه أو مفعوله أو عدم

__________________

١ـ قوله تعالى ﴿وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ.

٢ـ نَرُوحُ وَنْغدُو لحاجاتِنَا

وحاجَةُ من عاش لا تَنْقَضِى

٣ـ لَعَمْرِى لقد لاحتْ عيونٌ كثيرةٌ

إلى ضوء نار في يَفَاع تَحَرقُ

أتى بالمسند اسما في الأول ـ باسط ـ لافادة الثبوت والدوام، وأتى به فعلا في الثاني والثالث ـ نروح ونغدو ـ تحرق ـ لافادة التجدد والاستمرار بمعونة المقام.

أمثلة أخرى:

١ـ السيف أصدق إنْبَاءً من الْكُتُبِ

في حَدِّه الْحَدُّ بين الْجِدِّ واللَّعِبِ

٢ـ لا خير في وُدِّ امرىء مُتَمَلِّقِ

حُلْو اللسان وقَلْبُهُ يَتَلَهَّبُ

(١) تقييد الفعل بذلك من مباحث متعلقات الفعل، وسيأتي هذا بعد الكلام على أحوال المسند.

۵۲۰۱