وَمِنْ خَلاَفِ المُقْتَضَى تَلَقِّى الْمُخَاطَبِ بِغَيْرِ ما يَتَرَقَّبُ بِحَمْلِ كَلاَمِهِ عَلَى خِلاَفِ مُرَادِه تَنْبيهاً عَلَى أَنَّهُ هُوَ الأَوْلَى بالْقَصْدِ، كَقَوْلِ ابْنِ الْقَبَعْثَرَى لِلْحَجَّاج وَقَدْ قَال لَهُ مُتَوَعِّداً ـ لَأَحْمِلَنَّكَ عَلَى الْأَدْهَمِ: مِثْلُ الأَمِيرِ يَحْمِلُ عَلَى الأَدْهَمِ وَالْأَشْهَبِ؛


الْمُخْتَصُّ بها مَوْقِعُ هذا الالتفات هي أن فيه تنبيها على أن العبد إذا أخذ في القراءة يجب أن تكون قرائته على وجه يجد من نفسه ذلك الْمُحَرِّكَ.

الأسلوب الحكيم

ولما انجر الكلام إلى ذكر خلاف مقتضى الظاهر أورد عدة أقسام منه وإن لم تكن من مباحث المسند إليه فقال [ومن خلاف المقتضى] أي مقتضى الظاهر [تلقى المخاطب] من إضافة المصدر إلى المفعول، أي تلقى المتكلم المخاطب [بغير ما يترقب ]المخاطَبُ، والباء في ـ بغير ـ للتعدية وفي [بحمل كلامه] للسببية، أي إنما تلقاه بغير ما يترقب بسبب أنه حمل كلامه، أي الكلام الصادر عن المخاطب [على خلاف مراده] أي مراد المخاطب، وإنما حمل كلامه على خلاف مراده [تنبيها] للمخاطَبِ [على أنه] أي ذلك الغير هو [الأولى بالقصد] والإرادة [كقول ابن القبعثرى(١) للحجاج وقد قال] الحجاج [له] أي لابن القبعثرى حال كون الحجاج [متوعدا ]إياه [لأحملنك على الأدهم] يعني القيد، هذا مَقُولُ قَوْلِ الحجاج [مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب] هذا مَقُولُ قَوْلِ ابن القبعثرى، فأبرز وعيد الحجاج في معرض الوعد، وتلقاه بغير ما يترقب، بأن حمل الأدهم في كلامه على الفرس الأدهم، أي الذي غلب سواده حتى ذهب البياض الذي فيه، وضم إليه الأشهب، أي الذي غلب بياضه حتى ذهب سواده، ومراد الحجاج إنما هو القيد، فنبه على أن

__________________

(١) هو الغضبان بن القبعثرى الشيباني من خطباء العرب وفصحائهم.

۵۲۰۱