أَيْ مَنْ كَانَ مِثْلَ الْأَمِيرِ في السُّلْطانِ وَبَسْطَةِ الْيَدِ فَجَدِيرٌ بِأَنْ يُصْفِدَ لاَ أَنْ يَصْفِدَ، أوِ السَّائِلِ بِغَيْرِ ما يَتَطَلَّبُ، بِتَنْزِيلِ سُؤالهِ مَنْزِلَةَ غَيْرِهِ تَنْبيهاً عَلَى أَنَّهُ الْأَوْلى بِحَالِهِ أَوِ الْمُهِمُّ لَهُ، كَقَولِهِ تَعَالى ـ يَسأَلَوَنَكَ عَن الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالحَجِّ ـ وَكَقَوْلهِ تَعَالى ـ يَسأَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيرِ فلِلْوَالِدَينِ وَالاقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالمساكينِ وَابْنِ السَّبيل ـ


الحمل على الفرس الأدهم هو الأولى بأن يقصده الأمير [أي من كان مثل الأمير في السلطان] أي الغلبة [وبسطة اليد] أي الكرم والمال والنعمة [فجدير بأن يصفد] أي يعطى، من ـ أَصْفَدَهُ [لا أن يصفد] أي يُقُيِّدَ من ـ صَفَدَهُ [أو السائل] عَطْفٌ على المخاطب، أي تلقى السائل [بغير ما يتطلب بتنزيل سؤاله منزلة غيره] أي منزلة غير ذلك السؤال [تنبيها] للسائل [على أنه] أي ذلك الغير [الأولى بحاله أو المهم له، كقوله تعالى ـ يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج] سألوا عن سبب اختلاف القمر في زيادة النور ونقصانه، فأجيبوا ببيان الغرض من هذا الاختلاف، وهو أن الأهلة بحسب ذلك الاختلاف مَعَالِمُ يُوَقِّتُ بها الناس أمورهم من المزارع والمتاجر وَمَحَالِّ الديون والصوم وغير ذلك، ومَعَالِمُ للحج يعرف بها وقته، وذلك للتنبيه على أن الأولى والأليق بحالهم أن يسألوا عن ذلك، لأنهم ليسوا ممن يطلعون بسهولة على دقائق علم الهيئة، ولا يتعلق لهم به غرض [وكقوله تعالى ـ يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل] سألوا عن بيان ماذا ينفقون، فأجيبوا ببيان الْمَصَارِفِ تنبيها على أن المهم هو السؤال عنها، لأن النفقة لا يعتد بها إلا أن تقع موقعها(١).

__________________

(١) ويسمى كل من ذينك القسمين (تلقى المخاطب بغير ما يترقب والسائل بغير ما يتطلب) الأسلوب

۵۲۰۱