وَإلَى الْغَيبةِ ـ حَتى إذَا كُنْتمْ في الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ ـ وَمِنَ الْغَيْبَةِ إلَى التّكَلُّمِ ـ وَاللهُ الذِي أَرْسَلَ الريّاحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ ـ وَإلى الخِطابِ ـ مَالِكِ يَوْمِ الدّينِ إيَّاكَ نَعْبُدُ ـ.

وَوَجْهُهُ أَنَّ الْكَلاَمَ إذَا نُقِلَ مِنْ اُسْلوب إلى اُسْلوب كانَ أَحسنَ تَطْرِيةً لِنِشاطِ السامِعِ، وَأَكْثَرَ إيقاظاً لِلاصغاء إلَيهِ، وَقَدْ تَخْتَصُّ مَوَاقِعُهُ بِلَطائِفَ، كما فِي الْفاتِحَةِ، فَإنَّ الْعَبْدَ إذَا ذَكَرَ الْحَقِيقَ بالحَمْدِ عَنْ قَلْب حاضِر يَجِدُ مِنْ نَفسهِ مُحَرِّكاً لِلاِقْبالِ عَلَيْهِ، وَكُلَّما أَجرَى عَلَيْهِ صِفَةً مِنْ تِلْكَ الصّفاتِ الْعِظامِ قَوىَ ذَلِكَ المُحَرّكُ اِلَى أَنْ يَؤُولَ الأَمْرُ إلَى خاتِمَتِها الْمُفِيدَةِ أَنهُ مَالِكُ الأمْرِ كُلّهِ في يَوْمِ الجزاءِ،


كانت عليه قبل [و] مثل الالتفات من الخطاب [إلى الغيبة] قوله تعالى [حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم] والقياس بكم [و] مثال الالتفات [من الغيبة إلى التكلم] قوله تعالى [الله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه] ومقتضى الظاهر فساقه، أي ساق الله ذلك السحاب وأجراه إلى بلد ميت [و] مثال الالتفات من الغيبة [إلى الخطاب] قوله تعالى [مالك يوم الدين، إياك نعبد] ومقتضى الظاهر إياه.

[ووجهه] أي وجه حسن الالتفات [أن الكلام إذا نقل من أسلوب إلى أسلوب كان] ذلك الكلام [أحسن تطرية] أي تجديدا وإحداثا، من ـ طَرَّيْتُ الثوب [لنشاط السامع و] كان [أكثر إيقاظا للاصغاء إليه] أي إلى ذلك الكلام، لأن لكل جديد لذة، وهذا وجه حسن الالتفات على الإطلاق [وقد تختص مواقعه بلطائف] غير هذا الوجه العام [كما في ]سورة [الفاتحة، فإن العبد إذا ذكر الحقيق بالحمد عن قلب حاضر يجد] ذلك العبد [من نفسه محركا للاقبال عليه] أي على ذلك الحقيق بالحمد [وكلما أجرى عليه صفة من تلك الصفات العظام قوى ذلك المحرك إلى أن يؤول الأمر إلى خاتمتها] أي خاتمة تلك الصفات، يعنى ـ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [المفيدة أنه] أي ذلك الحقيق بالحمد [مالك الأمر كله في يوم الجزاء] لأنه أضيف مالك إلى يوم الدين على طريق

۵۲۰۱