قَالَ السَّكَّاكِيُّ: هَذَا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بالمُسْندِ إلَيْهِ وَلاَ بِهذَا الْقَدْرِ بَلْ كُلٌّ مِنَ التَّكَلُّمِ وَالْخِطابِ وَالْغَيْبَةِ مُطْلقاً يُنْقَلُ إلى الآخر، وَيُسَمِّى هذا النَّقْلُ الْتِفاتاً، كَقَوْلِهِ:

تَطاوَلَ لَيْلُكَ بالأَثْمُدِ

وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الالْتِفاتَ هُوَ التَّعْبِيرُ عَنْ مَعْنَى بِطَرِيق مِنَ


الشفقة.

الالتفات

[قال السكاكى هذا] أعنى نقل الكلام عن الحكاية إلى الغيبة [غير مختص بالمسند إليه ولا] النقل مطلقا مختص [بهذا القدر] أي بأن يكون عن الحكاية إلى الغيبة، ولا تخلو العبارة عن تسامح(١) [بل كل من التكلم والخطاب والغيبة مطلقا] أي سواء كان في المسند إليه أو غيره، وسواء كان كل منها واردا في الكلام أو كان مقتضى الظاهر إيراده [ينقل إلى الآخر] فتصير الأقسام ستة حاصلة من ضرب الثلاثة في الاثنين(٢) ولفظ مطلقا ليس في عبارة السكاكي، لكنه مراده بحسب ما علم من مذهبه في الالتفات بالنظر إلى الأمثلة [ويسمى هذا النقل] عند علماء المعاني [التفاتا ]مأخوذ من التفات الإنسان عن يمينه إلى شماله وبالعكس [كقوله] أي قول امريء القيس(٣)[ تطاول ليلك] خطابا لنفسه التفاتا، ومقتضى الظاهر ـ لَيْلِى [بالأثمد] بفتح الهمزة وضم الميم اسم موضع [والمشهور] عند الجمهور[أن الا لتفات هو التعبير عن معنى بطريق من]

__________________

(١) لأن ظاهر كلام الخطيب أن النقل عن الحكاية إلى الغيبة هو الذي لا يختص بهذا القدر، مع أن الذي لا يختص به هو النقل مطلقا كما جرى عليه السعد دفعا لما في هذا الظاهر من التهافت.

(٢) الثلاثة هي التكلم والخطاب والغيبة، والاثنان ما بقى منها بعد اعتبار أخذ واحد منها منقولا إلى غيره:

(٣) هو امرؤ القيس بن عانس الكندى الصحابي، وذلك من قوله:

تطاول ليلك بالأثمد

ونام الْخَلِيُّ ولم تَرْقُدِ

وباتَ وباتَتْ له ليلةٌ

كَلَيْلَةِ ذى العائر الأرْمَدِ

۵۲۰۱