بِخِلافِ ما لَوْ أُخِّرَ نَحْوُ ـ لَمْ يَقُمْ كُلّ إنسَان ـ فَانَّهُ يُفِيدُ نَفْيَ الحُكْمِ عَنْ جُمْلَةِ الْأَفْرَادِ لاَ عَنْ كُلِّ فَرْد، وَذَلِكَ لِئَلاَّ يَلْزَمَ تَرْجِيحُ التَّأْكِيدِ عَلَى التَّأْسيسِ، لِأَنَّ المُوجَبَةَ الْمُهْمَلَةَ المَعْدُولَة الْمَحْمُولِ فِي قُوَّةِ السالِبَةِ الجُزْئِيَّةِ المُسْتَلْزِمة نَفْيَ الْحُكْمِ عَنِ الجُملَةِ


أفراد الإنسان [بخلاف ما لو أخر نحو ـ لم يقم كل إنسان ـ فإنه يفيد نفي الحكم عن جملة الأفراد لا عن كل فرد] فالتقديم يفيد عموم السلب وشمول النفي، والتأخير لا يفيد إلا سلب العموم ونفي الشمول، وذلك أي كون التقديم مفيدا للعموم دون التأخير [لئلا يلزم ترجيح التأكيد] وهو أن يكون لفظ كل لتقرير المعنى الحاصل قبله [على التأسيس] وهو أن يكون لافادة معنى جديد، مع أن التأسيس راجح، لأن الافادة خير من الاعادة، وبيان لزوم ترجيح التأكيد على التأسيس أمَّا في صورة التقديم فلأن قولنا ـ إنسان لم يقم ـ موجبة مهملة، أما الإيجاب فلأنه حكم فيها بثبوت عدم القيام لإنسان، لا بنفي القيام عنه، لأن حرف السلب وقع جزءا من المحمول، وأما الاهمال فلأنه لم يذكر فيها ما يدل على كَمِّيَّةِ أفراد الموضوع، مع أن الحكم فيها على ما صدق عليه الإنسان(١) وإذا كان ـ إنسان لم يقم ـ موجبة مهملة يجب أن يكون معناه نفي القيام عن جملة الأفراد لا عن كل فرد [لأن الموجبة المهملة المعدولة المحمولة في قوة السالبة الجزئية] عند وجود الموضوع، نحو ـ لم يقم بعض الإنسان ـ بمعنى أنهما متلازمان في الصدق، لأنه قد حكم في المهملة بنفي القيام عما صدق عليه الإنسان أعَمَّ من أن يكون جميع الأفراد أو بعضها، وأيّاً ماكان يصدق نفي القيام عن البعض، وكلما صدق نفي القيام عن البعض صدق نفيه عما صدق عليه الإنسان في الجملة، فهي في قوة السالبة الجزئية [المستلزمة نفي الحكم عن الجملة] لأن صدق السالبة

__________________

(١) هذا من تتمة الدليل على أنها مهملة، ولولم يذكره لو ردت القضية الطبيعية مثل ـ الإنسان نوع ـ فإنه لم يذكر فيها ما يدل على كمية الأفراد أيضا، ولكن الحكم فيها ليس على ما صدق عليه الإنسان.

۵۲۰۱