لَفْظِ مِثْلِ وَغَيْرِ فِي نَحْو ـ مِثْلُكَ لاَ يَبخَلُ، وغَيْرُكَ لاَ يَجُودُ ـ بِمَعْنى ـ أنْتَ لاَ تَبْخَلُ وَأَنْتَ تَجُودُ ـ مِنْ غَيْرِ إرَادةِ تَعْرِيض بِغَيْرِ المخَاطَبِ، لِكَوْنِهِ أَعْوَنَ عَلَى المُرادِ بِهِمَا.

قِيلَ وَقَدْ يُقَدَّمُ لاِنَّهُ دَالٌّ عَلَى الْعُمُومِ نَحْوُ ـ كُلُّ إنْسَان لَمْ يَقُمْ ـ


لفظ مثل وغير] إذا استعملا على سبيل الكناية [في نحو ـ مثلك لا يبخل، وغيرك لا يجود ـ بمعنى أنت لا تبخل وأنت تجود من غير إرادة تعريض بغير المخاطب] بأن(١) يراد بالمثل والغير إنسان آخر مماثل للمخاطب أو غير مماثل، بل المراد نفي البخل عنه على طريق الكناية، لأنه إذا نفي عمن كان على صفته من غير قصد إلى مماثل لزم نفيه عنه، وإثبات(٢) الجود له بنفيه عن غيره مع اقتضائه محلا يقوم به، وإنما يرى التقديم في مثل هذه الصورة كاللازم [لكونه] أي التقديم [أعون على المراد بهما] أي بهذين التركيبين، لأن الغرض منهما إثبات الحكم بطريق الكناية التي هي أبلغ من التصريح، والتقديم لافادته التَّقَوِّى أعون على ذلك، وليس معنى قوله ـ كاللازم ـ أنه قد يقدم وقد لا يقدم، بل المراد أنه كان مقتضى القياس أن يجوز التأخير لكن لم يرد الاستعمال إلا على التقديم كما نص عليه في دلائل الإعجاز.

[قيل وقد يقدم] المسند إليه الْمُسَّوَرُ بكل على المسند المقرون بحرف النفي [لأنه ]أي التقديم [دال على العموم] أي على نفي الحكم عن كل فرد من أفراد ما أضيف إليه لفظ كل [نحو ـ كل إنسان لم يقم] فإنه يفيد نفي القيام عن كل واحد من

__________________

(١) هذا تصوير للتعريض المنفي.

(٢) عطف على نفي البخل لا على قوله نفيه عنه. ومما جاء من تقديم لفظ مثل وغير في الكناية بهما عن ذلك المعنى:

مِثْلُكَ يَثْنِى الحزن عن صَوْبِهِ

ويستردُّ الدمع عن غَرْبِهِ

وغيرى يأكل المعروف سُحْتاً

وَيَشْحَبُ عنده بِيضُ الأيادِى

۵۲۰۱