قَالَ عَبْدُ الْقَاهِرِ: وَقَدْ يُقَدَّمُ لِيُفِيدَ تَخْصِيصَهُ بِالْخبَرِ الْفِعْلِيِّ إنْ وَلِيَ حَرْفَ النَّفْي، نَحْوُ ـ مَا أنَا قُلْتُ هذَا ـ أيْ لَمْ أقُلْهُ مَعَ أنَّهُ مَقُولٌ لِغَيْرِي، وَلِهَذَا لَمْ يَصِحَّ ـ مَا أَنَا قُلْتُ وَلا غَيْرِي، وَلاَ مَا أَنَا رَأيْتُ أحَدَا، وَلاَ مَا أنَا ضَرَبْتُ إِلاَّ زَيْداً ـ وَإِلاَّ


[قال عبد القاهر: وقد يقدم] المسند إليه [ليفيد] التقديم [تخصيصه بالخبر الفعلى ]أي قصر الخبر الفعلى عليه [إن ولى] المسند إليه [حرف النفي] أي وقع بعدها بلا فصل(١) [نحو ما أنا قلت هذا أي لم أقله مع أنه مقول لغيرى]، فالتقديم يفيد نفي الفعل عن المتكلم وثبوته لغيره على الوجه الذي نفي عنه من العموم أو الخصوص، ولا يلزم ثبوته لجميع من سواك، لأن التخصيص ههنا إنما هو بالنسبة إلى من توهم الْمخَاطَبُ اشتراكك معه في القول أو انفرادك به دونه [ولهذا] أي ولأن التقديم يفيد التخصيص ونفي الحكم عن المذكور مع ثبوته للغير [لم يصح ـ ما أنا قلت] هذا [ولا غيري] لأن مفهوم ـ ما أنا قلت ـ ثبوت قائلية هذا القول لغير المتكلم، ومنطوق لا غيري نفيها عنه، وهما متناقضان [ولا ما أنا رأيت أحدا] لأنه يقتضى أن يكون إنسان غير المتكلم قد رأي كل أحد من الانسان، لأنه قد نفي عن المتكلم الرؤية على وجه العموم في المفعول، فيجب أن يثبت لغيره على وجه العموم في المفعول، ليتحقق تخصيص المتكلم بهذا النفي [ولا ما أنا ضربت إلا زيدا] لأنه يقتضى أن يكون إنسان غيرك قد ضرب كل أحد سوى زيد، لأن المستثنى منه مقدر عام، وَكُلُّ ما نفيته عن المذكور على وجه الحصر يجب ثبوته لغيره تحقيقا لمعنى الحصر، إنْ عَامّاً فَعَامٌّ وإن خاصّاً فخاصٌ، وفي هذا المقام مباحث نفيسة وشحنا بها في الشرح.

[وإلا] أي وإن لم يَلِ المسند إليه حرف النفي، بأن لا يكون في الكلام حرف

__________________

(١) عدم الفصل ليس بشرط، فيدخل في هذا نحو ـ ما زيداً أنا ضربتُ ـ وقد أنث الضمير في قوله ـ بعدها ـ باعتبار أن حرف النفي أداة أو كلمة.

۵۲۰۱