فَبِالاضْمَارِ لِأَنَّ المَقامَ لِلتّكَلُّمِ أَوِ الخِطابِ أَوِ الْغَيْبَةِ، وَأَصْلُ الخِطَابِ أَنْ يَكُونَ لَمُعَيَّن وَقَدْ يُتْرَكُ إلَى غَيرِهِ لِيَعُمَّ كُلَّ مُخَاطَب، نحْوُ ـ وَلَوْ تَرَى إذِ المجْرِمُونَ ناكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِم، أَيْ تَنَاهَتْ حَالُهُمْ فِي الظُّهُورِ


التنكير لأن الأصل في المسند إليه التعريف وفي المسند التنكير [فبالاضمار لأن المقام للتكلم] نحو ـ أنَا ضَرَبْتُ [أو الخطاب] نحو ـ أنْتَ ضَرَبْتَ [أو الغيبة] نحو ـ هو ضَربَ ـ لتقدم ذكره إمَّا لفظا تحقيقا أو تقديرا، وإمَّا معنى لدلالة لفظ عليه أو قرينة حال، وإمَّا حكما(١).

[وأصل الخطاب أن يكون لمعين] واحدا كان أو أكثر، لأن وضع المعارف على أن تستعمل لِمُعَيَّن، مع أن الخطاب هو توجيه الكلام إلى حاضر [وقد يترك] الخطاب مع معين [إلى غيره] أي غير معين [ليعم] الخطاب [كل مخاطب] على سبيل البدل [نحو ـ ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهم] لا يريد بقوله ـ ولو ترى إذ المجرمون ـ مُخَاطَباً مُعَيَّناً قصدا إلى تفظيع حالهم [أي تناهت حالهم في الظهور] لأهل

__________________

(١) وهذه أمثلة ذلك على الترتيب ـ زَيْدٌ يَضْرِبُ، فِي دَارِهِ زَيْدٌ، اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ـ أي العدل، فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ـ أي الميت ـ ربّه فتى.

تطبيقات على التعريف بالاضمار:

١ـ أنا الْمُرَعَّثُ لا أخفى على أحَد

ذَرَّتُ بِىَ الشمسُ للقاصِى وللدَّانِى

٢ـ إذا أنت لم تعرفْ لنفسك حقَّهَا

هَوَاناً بها كانتْ على الناس أهْوَنَا

ففي الأول عرف المسند إليه بضمير المتكلم لأن المقام للتكلم، وفي الثاني خوطب به غير معين لأن ذلك الحكم لا يختص به شخص من المخاطبين دون غيره.

أمثلة أخرى:

١ـ قوله تعالى ـ ﴿فَقَالَ إنِّي أحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بالْحِجَابِ.

٢ـ هي الدُّنيا تقول بِمِلْء فِيهَا

حذارِ حذارِ من بَطْشى وفَتْكى

۵۲۰۱