نَحْوُ (لاَ رَيْبَ فِيهِ) وَهكَذَا اعْتِبارَاتُ النَّفْي.


أن يكون موجودا في نفس الأمر، وفيه نظر لأن مجرد وجوده لا يكفي في الارتداع ما لم يكن حاصلا عنده، وقيل معنى ما إن تأمله شيء من العقل، وفيه نظر لأن المناسب حينئذ أن يقال ـ ما إن تأمل به ـ لأنه لا يتَأَمَّلُ العقل بل يُتَأَمَّلُ به [نحو لا ريب فيه] ظاهر هذا الكلام أنه مِثَالٌ لِجَعْلِ منكر الحكم كغيره، وتَرْكِ التأكيد لذلك، وبيانه أن معنى لا ريب فيه ليس القرآن بمظنة للريب، ولا ينبغي أن يرتاب فيه، وهذا الحكم مما ينكره كثير من المخاطبين، لكن نزل إنكارهم منزلة عدمه، لما معهم من الدلائل الدالة على أنه ليس مما ينبغي أن يرتاب فيه، والأحسن أن يقال ـ إنه نظير لتنزيل وجود الشيء منزلة عدمه بناء على وجود ما يزيله(١) فإنه نزل ريب المرتابين منزلة عدمه تعويلا على وجود ما يزيله، حتى صح نفي الريب على سبيل الاستغراق، كما نزل الانكار منزلة عدمه لذلك، حتى صح ترك التأكيد [وهكذا] أي مثل اعتبارات الإثبات [اعتبارات النفي] من التجريد عن المؤكدات في الإبتدائي، وتقويته بمؤكد استحسانا في الطلبي، ووجوب التأكيد بحسب الإنكار في الإنكاري، تقول لخالى الذهن ـ ما

__________________

(١) إنما كان هذا أحسن لأن الظاهر أن المنفى نفس الريب لا كون القرآن محلا للريب كما في الأول، ولأنه لو كان هذا. تمثيلا لا تنظيراً لتناقض مع قوله بعد ـ وهكذا اعتبارات النفي ـ لأن هذا المثال من هذه الاعتبارات على التقدير الأول.

تطبيقات على تخريج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر:

١ـ بَكَّرَا صَاحِبيَ قبل الْهَجِيرِ

إنَّ ذَاكَ النجاحَ في التَّبْكِيرِ

٢ـ ﴿وَلاَتُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وقُولُوا آمَنَّا بالَّذِي أُنْزِلَ إلَيْنَا وأُنْزِلَ إليْكُمْ وَإلهُنَا وَإلهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فالاوّل من تنزيل غير السائل منزلة السائل وقوله تعالى ﴿والهنا والهكم واحد من تنزيل المنكر منزلة غير المنكر.

أمثلة أخرى:

١ـ عليكَ باليأسِ من النَّاسِ

إنَّ غِنَى نفسك في الْيَأسِ

٢ـ ﴿يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا ربّكُمْ إنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ.

۵۲۰۱