وَمِنْهُ الْقَلْبُ وَهُوَ أنْ يَكُونَ مَعْنَى الثَّانِي نَقِيضَ مَعْنَى الْأَوَّلِ كَقَوْلِ أبِي الشَّيْصِ:

أَجِدُ الْمَلاَمَةَ في هَوَاكِ لَذِيذَةً

حُبّاً لِذِكْرِكِ فَلْيَلُمْنِى اللُّوَّمُّ

وَقَوْلِ أبِي الطَّيِبِ:

أَأُحِبُّهُ وَأُحِبُّ فِيهِ مَلاَمَةً

إنَّ الْمَلاَمَةَ فِيهِ مِنْ أَعْدَائِهِ

وَمِنْهُ أَنْ يُؤْخَذَ بَعْضُ المَعْنَى وَيُضَافَ إلَيْهِ مَا يُحَسِّنُهُ كَقَوْلِ الْأَفْوَهِ:

وَتَرَى الطَّيْرَ عَلَى آثارِنَا

رَأْيَ عَيْن ثِقَةً أَنْ سَتُمَارُ


من غير الظاهر، [القلب، وهو أن يكون معنى الثاني نقيض معنى الأول، كقول أبي الشيص:

أجد الملامة في هواك لذيذة

حبا لذكرك فليلمنى اللوم

وقول أبي الطيب: أأحبه] الاستفهام للانكار، والانكار باعتبار القيد الذي هو الحال أعنى قوله [وأحب فيه ملامة *] كما يقال أتصلى وأنت محدث ـ على تجويز واو الحال في المضارع المثبت كما هو رأي البعض، أو على حذف المبتدإ أي وأنا أحب، ويجوز أن تكون الواو للعطف والانكار راجع إلى الجمع بين الأمرين أعني محبته ومحبة الملامة فيه [إن الملامة فيه من أعدائه] وما يصدر عن عدو المحبوب يكون مبغوضا، وهذا نقيض معنى بيت أبي الشيص، لكِنْ كل منهما باعتبار آخر، ولهذا قالوا الأحسن في هذا النوع أن يبين السبب(١) [ومنه] أي من غير الظاهر [أن يؤخذ بعض المعنى ويضاف إليه ما يحسنه كقول الأفوه: وترى الطير على آثارنا * رأي عين] يعنى عِيَاناً [ثقة] حال أي واثقة، أو مفعول له مما يتضمنه قوله ـ على آثار ـ أي كائنة على آثارنا

__________________

(١) وهذا كما في البيتين المذكورين، فإن الأول علل حب الملامة بحبه لذكره، والثاني علل كراهته لها بصدورها من أعدائه، وإنما كان الأحسن ذلك لأجل أن يعلم أن التناقض بحسب الصورة لا بحسب الحقيقة.

۵۲۰۱