وَمِنْهُ النَّقْلُ وَهُوَ أنْ يُنْقَلَ الْمَعْنَى إِلَى معنى آخَرَ كَقَوْلِ الْبُحْتُرِيِّ:

سُلِبُوا وأشْرَقَتِ الدِّمَاءُ عَلَيْهِمُ

مُحْمَرَّةً فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يُسْلَبُوا

وَقَوْلِ أبِي الطَّيِّبِ:

يَبِسَ النَّجِيعُ عَلَيْهِ وَهْوَ مُجَرَّدٌ

عَنْ غِمْدِهِ فَكَأَنَّمَا هُوَ مُغْمَدُ

وَمِنْهُ أنْ يَكُونَ مَعْنَى الثَّانِي أشْمَلَ كَقَوْلِ جَرِير:

إذَا غَضِبَتْ عَلَيْكَ بَنُو تَمِيم

وَجَدْتَ النَّاسَ كُلَّهُمُ غِضَابَا

وَقَوْلِ أبِي نُوَاس:

وَلَيْسَ عَلَى اللهِ بِمُسْتَنْكَر

أنْ يَجْمَعَ الْعَالَمَ فِي وَاحِد


لفظه ونوعه ووزنه وقافيته، وإلى هذا أشار بقوله [ومنه] أي من غير الظاهر [أن ينقل المعنى إلى محل آخر كقول البحترى: سلبوا] أي ثِيَابَهُمْ [وأشرقت الدماء عليهم * محمرة فكأنهم لم يسلبوا] لأن الدماء المشرقة كانت بمنزلة الثياب لهم [وقول أبي الطيب: يبس النجيع عليه] أي على السيف [وهو مجرد * عن غمده فكأنما هو مغمد] لأن الدم اليابس بمنزلة غمد له، فنقل المعنى من الْقتْلَى والْجَرْحَى إلى السيف [ومنه] أي من غير الظاهر [أن يكون معنى الثاني أشمل] من معنى الأول [كقول جرير:

إذا غضبت عليك بنو تميم

وجد الناس كلهم غضابا]

لأنهم يقومون مقام كلهم [وقول أبي نواس: وليس عَلَى الله بمستنكر * أن يجمع العالم في واحد(١)] فإنه يشمل الناس وغيرهم، فهو أشمل من معنى بيت جرير [ومنه] أي

__________________

(١) قاله للرشيد لما سجن الفضل بدليل قوله قبله:

قُولاَ لهارون إمام الْهُدَى

عند احتفال المجلس الحاشِدِ

أنت على ما فيك من قدرة

فلست مثل الفضل بالواجد

والمراد أنه يجمع صفات العالم الكمالية.

۵۲۰۱