وَيُسَمَّي الأوّلُ فائِدَةَ الخَبَرِ، وَالثّانِي لاَزِمَها، وَقَدْ يُنزّلُ الْعَالِمُ بِهِما مَنْزِلَةَ الجاهِلِ لِعَدَمِ جَريْهِ عَلَى مُوجَبِ الْعِلْمِ،


لا وقوعها، وكونه مقصودا للمخبر بخبره لا يستلزم تحققه في الواقع(١) وهذا مراد من قال: إن الخبر لا يدل على ثبوت المعني أو انتفائه على سبيل القطع، وإلا فلا يخفى(٢) أن مدلول قولنا ـ زيد قائم ـ ومفهومه أن القيام ثابت لزيد، وعدم ثبوته له احتمالٌ عقليٌّ لا مدلولٌ ولا مفهومٌ للفظ، فليفهم [ويسمي الأول] أي الحكم الذي يقصد بالخبر إفادته [فائدة الخبر والثاني] أي كون المخبر عالما به [لازمها] أي لازم فائدة الخبر، لأنه كلما أفاد الْحُكْمَ أفاد أنه عالم به، وليس كلما أفاد أنه عالم بالحكم أفاد نفس الحكم، لجواز أن يكون الحكم معلوما قبل الاخبار، كما في قولنا لمن حفظ التوراة ـ قد حَفِظْتَ التوراة ـ وتسميةُ مثلِ هذا الحكم فائدةَ الخبر بناءٌ على أنه من شأنه أن يقصد بالخبر ويستفاد منه، والمراد بكونه عالما بالحكم حصول صورة الحكم في ذهنه، وههنا أبحاث شريفة سمحنا بها في الشرح.

[وقد ينزل] المخاطب [العالم بهما] أي بفائدة الخبر ولازمها [منزلة الجاهل ]فَيُلْقَى إليه الخبر وإن كان عالما بالفائدتين [لعدم جريه على موجب العلم] فإن من لا يجرى على مقتضى علمه هو والجاهل سواء، كما يقال للعالم التارك للصلاة ـ الصلاة واجبة ـ(٣) وتنزيل العالم بالشيء منزلة الجاهل به لاعتبارات خطابية كثير في

__________________

(١) لجواز أن يكون الخبر كاذبا.

(٢) أي وإلا نقل هذا مراده، بأن يكون مراده نفي دلالة الخبر على ثبوت الحكم أو انتفائه، فلا يصح كلامه، لأنه لا يخفى...

(٣) ومن ذلك قول الفرزدق لهشام بن عبدالملك حين قال لسائله عن علي زين العابدين إنه لا يعرفه وهو يعرفه.

هذا ابْنُ خير عبادِ الله كُلِّهِمُ

هذا التَّقِيُّ النَّقِيُّ الطَّاهر الْعَلمُ

هذا ابن فاطمة إن كنتَ جاهِلَهُ

بِجَدِّهِ أنبياءُ الله قد خُتِمُوا

۵۲۰۱