مِنَ الصَّداقَةِ حَدّاً صَحَّ مَعَهُ أنْ يُسْتَخْلَصَ مِنْهُ آخَرُ مِثْلُهُ فِيهَا، وَمِنْهَا نَحْوُ قَوْلِهِمْ ـ لئِنْ سَأَلْتَ فُلاَنَا لَتَسْأَلَنَّ بِهِ الْبَحْرَ ـ وَمِنْها نَحْوُ قَوْلِهِ:

وَشَوْهاءَتَعْدُوبِى إلى صَارِخِ الْوَغَى

بِمُسْتَلئِم مِثْلِ الْفَنِيقِ الْمُرَحَّلِ

وَمِنْهَا نَحْوُ قَوْلهِ تَعَالى ـ لَهُمْ فِيها دَارُ الخُلْدِ ـ أَيْ في جَهَنَّمَ وَهِيَ دَارُ الْخُلْدِ، وَمِنْهَا نَحْوُ قَوْلِهِ:

فَلِئنْ بَقِيتُ لَأَرْحَلَنَّ بِغَزْوَة

تَحْوِي الْغَنَائِمَ أَوْ يَمُوتَ كَرِيمُ


من الصداقة حدا صح معه] أي مع ذلك الحد [أن يستخلص منه] أي من فُلاَن صديقٌ [آخر مثله فيها] أي في الصداقة [ومنها] ما يكون بالباء التجريدية(١) الداخلة على الْمُنْتَزَعِ منه [نحو قولهم ـ لئن سألت فلانا لتسألن به البحر] بَالَغَ في اتصافه بالسماحة حتى انتزع منه بحرا في السماحة [ومنها] ما يكون بدخول باء الْمَعِيَّةِ في الْمُنْتَزَعِ [نحو قوله: وشوهاء] أي فرس قبيح المنظر لِسَعَةِ أشداقها، أو لِمَا أصابها من شدائد الحرب [تعدو] أي تسرع [بي إلى صارخ الوغى *] أي مستغيث في الحرب [بمستلئم] أي لابس لَأْمَهً وهي الدِّرْعُ، والباء للملابسة والمصاحبة [مثل الفنيق] هو الفحل الْمُكَرَّمُ [المرحل(٢)] من ـ رَحَّلَ البعير أشخصه عن مكانه وأرسله ـ أي تعدو بي ومعى من نفسى مستعد للحرب، بالغ في استعداده للحرب حتى انتزع منه آخر [ومنها] ما يكون بدخول ـ في ـ في المنتزع منه [نحو قوله تعالى ـ لهم فيها دار الخلد ـ أي في جهنم وهي دار الخلد] لكنه انتزع منها دارا أخرى وجعلها مُعَدَّةً في جهنم لأجل الكفار تهويلا لأمرها، ومبالغة في اتصافها بالشدة [ومنها] ما يكون بدون توسط حرف [نحو قوله: فلئن بقيت لأرحلن بغزوة * تحوى] أي تجمع [الغنائم أو يموت]

__________________

(١) ومعناها الْمُصَاحَبَةُ أو السَّبَبِيَّةُ.

(٢) ذكر شارح الشواهد أنه لا يعرف قائله.

۵۲۰۱