وَدَلِيلُ أَنَّهَا مَجازٌ لُغَوِّيٌّ كَوْنُهَا مَوْضُوعَةً لِلْمُشَبَّهِ بِهِ لا لِلْمُشَبَّهِ وَلاَ لِلْأَعَمِّ مِنْهُمَا، وَقِيلَ إِنَّهَا مَجَازٌ عَقْلِيٌّ بِمَعْنَى أَنَّ التَّصَرُّفَ في أَمْر عَقْلِيٍّ لاَ لُغَويٍّ، لِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تُطْلَقْ عَلَى الْمُشَبَّهِ إلاَّ بَعْدَ


ذلك في الشرح.

واعلم أنهم قد اختلفوا في أن الاستعارة مجاز لغوي أو عقلي، فالجمهور على أنها مجاز لغوي بمعنى أنها لفظ استعمل في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة [ودليل أنها] أي الاستعارة [مجاز لغوى كونها موضوعة للمشبه به لا للمشبه ولا للأعم منهما] أي من المشبه والمشبه به، فأسد في قولنا ـ رأيت أسدا يرمى ـ موضوع للسبع المخصوص لا للرجل الشجاع ولا لمعنى أعم من السبع والرجل كالحيوان المجترىء مثلا، ليكون إطلاقه عليهما حقيقة كإطلاق الحيوان على الأسد والرجل، وهذا معلوم بالنقل عن أئمة اللغة قطعا، فإطلاقه على المشبه وهو الرجل الشجاع إطلاق على غير ما وضع له مع قرينة مانعة عن إرادة ما وضع له، فيكون مجاز لغويا، وفي هذا الكلام دلالة على أن لفظ العام إذا أطلق على الخاص لا باعتبار خصوصه(١) بل باعتبار عمومه فهو ليس من المجاز في شيء كما إذا لقيت زيدا فقلت ـ لقيت رجلا أو إنسانا أو حيوانا ـ بل هو حقيقة، إذ لم يستعمل اللفظ إلا في معناه الموضوع له [وقيل ـ إنها] أي الاستعارة [مجاز عقلي بمعنى(٢) أن التصرف في أمر عقلي لا لغوي، لأنها لما لم تطلق على المشبه إلا بعد

__________________

(١) فإذا أطلق عليه باعتبار خصوصه كان مجازا، ولهذا كان العام الذي أريد به الخصوص مجازا عند الأصوليين قطعا، وهذا مثل قوله تعالى ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لكُمْ فَاخْشَوْهُمْالآية ـ فالمراد بالناس الأول نُعَيْمُ بن مسعود الأشجعي.

(٢) أشار بهذا إلى أنه ليس المراد بالمجاز العقلي هنا ما سبق في علم المعاني، وهو إسناد الفعل لغير من هو له، لأنه إنما يكون في الكلام المركب المشتمل على إسناد، وهذا غير متحقق هنا.

۵۲۰۱