قَدْ تُقَيِّدُ بِالتَّحْقِيقِيَّةِ لِتَحَقُّقِ مَعْنَاهَا حِسّاً أَوْ عَقْلاً، كَقَوْلِهِ:

لَدَى أَسَد شَاكِى السِّلاَحِ مُقَذَّفِ

أَيْ رَجُل شُجاع، وَقَوْلِهِ تَعَالى ـ اهْدِنا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمِ ـ أَيْ الدِّينَ الحَقَّ،


بالنسبة إلى المعنى الواحد قد يكون استعارة وقد يكون مجازا مرسلا، والاستعارة [قد تقيد بالتحقيقية] لتتميّز عن التَّخْيِيلِيَّةِ وَالْمَكْنِيِّ عنها [لتحقق معناها] أي ما عُنِيَ بها واسْتُعْمِلَتْ هي فيه [حسا أو عقلا] بأن يكون اللفظ قد نقل إلى أمر معلوم يمكن أن يُنَصَّ عليه ويشار إليه إشارة حسية أو عقلية، فالحسي [كقوله: لدى أسد شاكى السلاح] أي تَامٍّ السلاح [مقذف(١) أي رجل شجاع] أي قُذِفَ به كثيرا إلى الوقائع، وقيل قُذِفَ باللحم ورمى به فصار له جَسَامَةٌ وَنَبَالَةٌ، فالأسد ههنا مستعار للرجل الشجاع، وهو أمر متحقق حسا [وقوله] أي والعقلي كقوله [تعالى ـ اهدنا الصراط المستقيم ـ أي الدين الحق] وهو ملة الإسلام، وهذا أمر متحقق عقلا، قال المصنف رحمه‌الله : فالاستعارة ما تضمن تشبيه معناه بما وضع له، والمراد بمعناه ما عُنِيَ باللفظ واستعمل اللفظ فيه، فعلى هذا يخرج من تفسير الاستعارة نحو ـ زيد أسد، ورأيت زيدا أسداً، ومررت بزيد أسد ـ مما يكون اللفظ مستعملا فيما وضع له وإن تَضَمَّنَ تشبيه شيء به، وذلك لأنه إذا كان معناه عين المعنى الموضوع له لم يصح تشبيه معناه بالمعنى الموضوع له، لاستحالة تشبيه الشيء بنفسه، على أن ما في قولنا ـ ما تضمن ـ عبارةٌ عن المجاز بقرينة تقسيم المجاز إلى الاستعارة وغيرها، وأسد في الأمثلة المذكور فليس بمجاز لِكَوْنِهِ مستعملا فيما وضع له، وفيه بحث لأنا لا نسلم أنه مستعمل فيما وضع له بل

__________________

(١) هو من قول زهير بن أبي سُلْمى في معلقته:

لدى أسد شاكى السلاح مقذف

له لَبِدٌ أظفارُهُ لم تُقَلَّمِ

واللبلد الشعر المجتمع بين كتفى الأسد.

۵۲۰۱